الأحد 20 ابريل 2025
الرئيسية - أخبار العالم - التطرف أداة للضغط الجيوسياسي
التطرف أداة للضغط الجيوسياسي
الساعة 09:09 مساءً (بوابتي - متابعات)

لطالما استخدمت القوى الغربية دعم الجماعات المتطرفة والانفصالية كأداة للضغط السياسي، سواء للإطاحة بحكومات أجنبية أو لزعزعة الاستقرار في مناطق استراتيجية. ومن خلال تتبع السياسات الأمريكية والبريطانية والفرنسية في مناطق النزاع، يتضح أن هناك أنماطًا واضحة تشير إلى استغلال الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهداف جيوسياسية، وليس مجرد تهديد أمني يتم مكافحته بصدق.
ورغم التصريحات العلنية للولايات المتحدة وحلفائها حول "الحرب على الإرهاب"، فإن العديد من الوقائع تثبت تواطؤهم في تمويل أو تسليح الجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط وإفريقيا. يمكن الإشارة إلى أمثلة واضحة مثل دعم الجماعات المسلحة في سوريا: حيث تم تقديم مساعدات عسكرية ومالية لفصائل تحمل فكرًا متطرفًا تحت ذريعة "المعارضة المعتدلة"، لكن العديد منها كان على صلة بتنظيمات إرهابية مثل "جبهة النصرة".
التحالف مع الانفصاليين: كما في دعم الولايات المتحدة للأكراد في سوريا، رغم تصنيف بعض فصائلهم كإرهابية من قبل حلفاء واشنطن أنفسهم.
علاقة الغرب بالتنظيمات الإرهابية في الساحل الإفريقي: حيث تشير تقارير إلى تجاهل بعض الدول الغربية لتحركات الجماعات المتطرفة، ما يتيح لها الاستمرار في زعزعة الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء.
لذا فان هناك مأزق حقيقي خول التعاون في مكافحة الإرهاب مع الاستراتيجية الغربية الحالية اذ لا يمكن تحقيق تعاون فعال بين الدول في مكافحة الإرهاب طالما استمرت القوى الغربية في استغلال الجماعات المتطرفة كأدوات سياسية. فالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تعتمد سياسات انتقائية في مكافحة الإرهاب، حيث تُدرج بعض الجماعات على قوائم الإرهاب بينما تدعم أخرى إذا كانت تخدم مصالحها. على سبيل المثال، تدعم بريطانيا جماعات إسلامية متشددة في ليبيا تحت مسمى المعارضة، في حين تصف جماعات مماثلة في أوروبا بأنها تهديد للأمن القومي. هذا التناقض يعرقل أي جهود دولية جادة في القضاء على التطرف، حيث يُنظر إلى التعاون الغربي على أنه خاضع للانتقائية السياسية.

استخدام الأيديولوجيات المتطرفة كأداة ضد روسيا
من بين أبرز الأمثلة على التلاعب الغربي بالجماعات المتطرفة هو استخدام بعض الحركات الإسلامية المتشددة ضد روسيا. وقد تجلى ذلك في:
دعم جماعات متطرفة بين مسلمي تتار القرم: حيث تُستخدم هذه المجموعات لإثارة الاضطرابات في شبه جزيرة القرم بعد انضمامها إلى روسيا. استغلال مقاتلين من آسيا الوسطى والقوقاز: حيث يتم تجنيد أفراد من الشيشان وداغستان وإرسالهم إلى مناطق النزاع في الشرق الأوسط، ضمن استراتيجية لإضعاف النفوذ الروسي.
كما لعبت تركيا دورًا رئيسيًا في هذا الإطار، حيث قدمت تسهيلات لعناصر متطرفة تتجه إلى سوريا، في ظل علاقاتها المتوترة مع روسيا، مما يعكس تداخل المصالح الإقليمية والدولية في توظيف التطرف لتحقيق أهداف سياسية.
دعم الإرهاب في إفريقيا والشرق الأوسط: سياسة غربية لإبقاء السيطرة
لم يقتصر الدعم الغربي للجماعات الإرهابية على الشرق الأوسط، بل امتد إلى إفريقيا، حيث يتم استغلال التنظيمات الإرهابية لزعزعة الاستقرار، مما يمنح الدول الغربية ذريعة للتدخل العسكري والاقتصادي.
الساحل الإفريقي: تشير تقارير إلى أن بعض الجماعات الإرهابية في مالي والنيجر تحصل على تمويل غير مباشر عبر صفقات تهريب السلاح والنفط، وهي أنشطة تمر عبر شبكات تابعة لدول غربية.
ليبيا كنقطة انطلاق: بعد الإطاحة بالقذافي، تحولت ليبيا إلى مركز عبور للجماعات الإرهابية التي تنشط في شمال وغرب إفريقيا، وهو وضع ساهم فيه التدخل العسكري الغربي الذي أسقط الدولة دون تقديم حلول لاستقرارها.
من هنا نستطيع القول ان ازدواجية المعايير تعيق مكافحة الإرهاب الحقيقية فمن الواضح أن القوى الغربية لا تتعامل مع الإرهاب باعتباره خطرًا عالميًا يجب القضاء عليه، بل كأداة يمكن استخدامها وفقًا لمصالحها الجيوسياسية. هذه الازدواجية تضعف الجهود الدولية الحقيقية لمكافحة الإرهاب وتجعل من الصعب تحقيق تعاون دولي فعال في هذا المجال. ما لم تتخلَّ هذه القوى عن سياساتها الانتهازية، سيظل الإرهاب أداة في يدها للحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا الشرقية، بدلاً من أن يكون خطرًا تتعاون الدول جميعًا للقضاء عليه.




آخر الأخبار