يعد شهر رمضان من أعظم الأشهر في الإسلام، حيث يتوجه المسلمون في كافة أنحاء العالم إلى الصيام بنية التقرب إلى الله تعالى، طاعة له واتباعًا لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ومن بين الأسئلة الفقهية التي كثيرًا ما تُثار خلال هذا الشهر المبارك، هو حكم الجماع في نهار رمضان وأثره على صحة الصيام، وهو ما أجاب عليه الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في فتواه الشهيرة.

حكم الجماع في نهار رمضان
في فتوى أُذيعت في العديد من القنوات الإسلامية والمواقع، أوضح الشيخ عبدالعزيز بن باز أن الجماع في نهار رمضان محرم ويؤدي إلى فساد الصيام. واستند في فتواه إلى النصوص الشرعية التي تحرم الجماع في النهار خلال شهر رمضان، حيث قال: "الجماع هو إيلاج الذكر في الفرج، وإذا أولج الرجل في فرج زوجته في نهار رمضان، فإن هذا يفسد الصيام ويجب على المسلم أن يتوب ويستغفر الله عن هذا الفعل".

الكفارة المترتبة على الجماع في نهار رمضان
ووفقًا للفتوى، فإن من جامع زوجته في نهار رمضان عليه أن يتوب إلى الله ويشعر بالندم على ما وقع منه. كما بيّن الشيخ بن باز أن عليه أداء الكفارة المقررة في هذا الأمر. وتتمثل الكفارة في:

إعتاق رقبة مؤمنة: وهذا إذا كان الشخص قادرًا على ذلك.
صيام شهرين متتابعين: وفي حال عجز الشخص عن إعتاق رقبة، عليه أن يصوم شهرين متتابعين، وهي كفارة أخرى.
إطعام ستين مسكينًا: وإذا لم يستطع صيام الشهرين المتتابعين، عليه أن يطعم ستين مسكينًا، مع إعطائهم نصف صاع من قوت البلد لكل مسكين، كالتمر أو الرز أو غيرهما.
حكم الجماع في الليل خلال رمضان:
أما في ما يتعلق بالجماع في الليل، فقد أضاف الشيخ عبدالعزيز بن باز أنه لا حرج في ذلك. فالجماع في الليل، سواء كان في بداية رمضان أو في العشر الأواخر من الشهر، هو أمر مباح. وقد أكد الشيخ أن هذا يشمل جميع الأيام ما دام الصائم ليس في حالة اعتكاف.

وأوضح الشيخ أيضًا أن الجماع في الليل لا يفسد الصيام، حتى وإن كان الشخص في العشر الأواخر من رمضان، التي تكون من أوقات العبادة الكبرى، طالما أنه ليس معتكفًا، لأن الاعتكاف يتطلب الامتناع عن كل ما يؤدي إلى نقض العبادة.

حكم التقبيل واللمس في نهار رمضان
وفيما يتعلق بالتقبيل أو اللمس بين الزوجين خلال النهار، فقد أشار الشيخ بن باز إلى أنه لا مانع من التقبيل أو اللمس، ما دام الزوجان يتحكمان في شهواتهما ولا يخشيان الوقوع في الجماع. وأضاف الشيخ أن "المرأة إذا قبلت زوجها أو ضمته إليها، فلا حرج في ذلك ما دام الشخص قادرًا على التحكم في نفسه."

نصيحة لمن لا يملك القدرة على التحكم في شهوته
ومع ذلك، نبه الشيخ عبدالعزيز بن باز إلى أن الشخص الذي يكون شديد الشهوة ويخشى أن يجامع زوجته بسبب قوة شهوته يجب عليه أن يتجنب مثل هذه التصرفات، مثل التقبيل أو اللمس أو النوم مع الزوجة في النهار، حتى لا يقع في المحظور. وعليه أن يلتزم بالابتعاد عن هذه الأمور ويحرص على صيامه بشكل كامل، مؤكداً أن الشخص الذي يجد صعوبة في التحكم في شهوته من الأفضل له أن ينام وحده خلال النهار.

أهمية الصيام والتقوى
وشدد الشيخ بن باز رحمه الله على أن رمضان هو فرصة عظيمة للمسلمين للتقرب إلى الله، وأنه ينبغي للمسلم أن يحرص على صيامه كاملاً، مع تجنب كل ما يفسده. وأشار إلى أن جميع الأعمال التي تُبنى على التقوى وصحة النية تكون مشروعة، وأن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو أيضًا عن كل ما يعكر صفو العبادة من أقوال وأفعال.

وأكد الشيخ بن باز في فتواه على ضرورة أن يحرص المسلم على التوبة بعد أي خطأ، وأن يتبع الشرع في كل ما يتعلق بالصيام، حتى وإن وقع في خطأ ما، لأن الله سبحانه وتعالى يغفر لعباده التائبين.