آخر الأخبار


الخميس 17 ابريل 2025
بقلم كينيث إف. ماكنزي*
من المؤسف أن الضجة الأخيرة حول استخدام تطبيق المراسلة "سيغنال" من قبل كبار المسؤولين في إدارة ترامب قد طغت على أهمية الحدث الذي كانوا يناقشونه: ضربة ضد الحوثيين في 15 مارس. هذا الهجوم شكّل بداية حملة عسكرية ضرورية، وربما بداية صفحة جديدة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
لقد اختارت إدارة بايدن في الغالب تجاهل التهديد المتزايد الذي يشكله الحوثيون، المدعومون من إيران، على التجارة العالمية. ردودها كانت متوقعة ومخففة للغاية لتجنب أي احتمال لتصعيد من جانب إيران، وبالتالي تجنب إلحاق ضرر دائم بالحوثيين. ونتيجة لذلك، كان تأثير تلك الردود على الجماعة مؤقتًا في أحسن الأحوال.
من المهم أن نعلم أن ضرب مواقع الحوثيين في اليمن يخدم المصالح الأميركية بالدرجة الأولى. من خلال السعي لضمان المرور الآمن عبر مضيق باب المندب – المدخل إلى البحر الأحمر والذي يُعد طريقًا حيويًا للشحن الدولي – فإننا لا نساعد التجارة الأوروبية فحسب، بل نحقق عدة أهداف أوسع: أولاً، نؤكد على أهمية حرية المرور في "المشاعات العالمية"؛ نحن أعظم دولة بحرية في العالم، ومفهوم العبور غير المتنازع عليه أمر أساسي لأمننا. ثانيًا، تراقبنا الصين وستستخلص استنتاجات من أفعالنا في اليمن حول ما الذي سنسمح به أو لن نسمح به تجاه تايوان.
وأخيرًا، فإن ضرب الحوثيين يُضعف الذراع الإيرانية الوحيدة التي لا تزال فعالة تمامًا في المنطقة. فحزب الله، وسوريا، وحتى حماس، تضرروا بشكل كبير؛ والآن الحوثيون أيضًا يتعرضون للهجوم بسبب تصرفاتهم الطائشة.
لن يكون تحقيق النجاح أمراً سهلاً. إذ أن استخدام القوة الجوية وحدها لهزيمة الميليشيات لطالما كان أمرًا صعبًا. لكن هناك نقطة غفل عنها الكثير من النقاد: الهدف ليس القضاء على الحوثيين أو إنشاء حكم رشيد. بل الهدف أضيق وأكثر قابلية للتحقيق: إرغامهم على التوقف عن استخدام الصواريخ عالية التقنية والطائرات المسيّرة لمهاجمة السفن في البحر. هذه الهجمات لها بصمة إلكترونية وبصرية فريدة يمكن اكتشافها، وهو ما يتماشى مع نهجنا عالي التقنية.
من المحتمل أن يستخدم الحوثيون السكان المدنيين كدروع بشرية، تمامًا كما فعلت حماس في غزة. وهذا يعني أنه، على الرغم من أفضل جهودنا، ستكون هناك خسائر مدنية. وهذه الخسائر مؤسفة، وستبذل قواتنا قصارى جهدها لتقليلها، في حين من المرجح أن يعمل الحوثيون على تعظيمها، وتعظيم الرسائل المعادية لأميركا حولها.
لن تكون هذه حملة سريعة، لكننا لطالما امتلكنا القدرة العسكرية لحل هذه المشكلة. ما كان مفقودًا حتى الآن هو الإرادة السياسية. من المؤكد أن لإدارة بايدن أسبابها في عدم اتخاذ إجراء فعّال ضد الحوثيين، ولعلّ أهمها هو الخوف من التصعيد الإيراني. لكن هذا تهديد أجوف. لقد شاهدنا الرد العسكري الإيراني عدة مرات خلال العام الماضي، وكان أداءه باهتًا.
إن العمليات التي تقودها إدارة ترامب ضد الحوثيين تُعد الفصل الافتتاحي في ما قد يكون عامًا سيئًا آخر لإيران. فقد كان عام 2024 ربما الأسوأ في التاريخ الحديث لقادتها: حلفاؤها ووكلاؤها تضرروا بشدة؛ قواتها الصاروخية الباليستية كشفت عن عجزها أمام خصمها الرئيسي، إسرائيل؛ ولم تتمكن من الدفاع عن مجالها الجوي ضد الضربات الإسرائيلية الفعّالة.
لذا، علينا أن نفكر بما هو أبعد من الحوثيين، ونلتفت إلى المصدر الحقيقي للمشاكل التي يمثلونها: إيران. الرئيس ترامب يدرك ذلك، وتعبيراته على وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي تعكس هذا الفهم تمامًا: "الخيار أمام الحوثيين واضح: توقفوا عن إطلاق النار على السفن الأميركية، وسنتوقف نحن عن إطلاق النار عليكم. وإن لم تفعلوا، فإن ما حدث ما هو إلا بداية، والألم الحقيقي لم يأت بعد – لا عليكم ولا على داعميكم في إيران."
يأتي السيد ترامب إلى هذه اللحظة بثلاثة إنجازات كبيرة من فترته الرئاسية الأولى. ورغم أن كثيرين في الولايات المتحدة قد نسوها، إلا أن هذه الإنجازات لا تزال تحظى بصدى قوي في الشرق الأوسط. أولاً، قراره بضرب وقتل القائد العسكري الإيراني البارز، اللواء قاسم سليماني، في يناير 2020. ثانيًا، سعيه إلى "اتفاقيات إبراهيم"، التي أسست علاقات بين إسرائيل ودولتين عربيتين، وفتحت مسارًا دبلوماسيًا واقتصاديًا وثقافيًا لمزيد من الاندماج الإسرائيلي في المنطقة. وأخيرًا، قراره بنقل الإشراف على إسرائيل من القيادة الأوروبية، التي تركز على روسيا، إلى القيادة المركزية، المسؤولة عن إيران.
ورغم أن هذه الخطوة الأخيرة قد تبدو بيروقراطية بحتة، إلا أنها جعلت إسرائيل ضمن قيادة تواجه نفس التهديدات، مما خلق الهيكل والآليات التي مكنت إسرائيل من التعاون مع الولايات المتحدة وجيرانها الإقليميين للدفاع بنجاح ضد هجومين إيرانيين كبيرين العام الماضي. وهذا أمر بالغ الأهمية.
إيران تحترم القوة. ضربة سليماني قبل خمس سنوات، والضربات الأخيرة ضد الحوثيين، تُظهر بوضوح أن الولايات المتحدة لديها رئيس لا يتردد بسبب احتمال التصعيد.
وبفضل هذه التطورات، لدينا الآن فرصة لإجبار إيران على الدخول في مفاوضات جوهرية بشأن طموحاتها النووية – مفاوضات يجب أن تُجرى بشكل مباشر، دون وسطاء، وبدون شروط مسبقة أو تنازلات تمهيدية. وبينما نواصل ضرب الحوثيين، فإن الوقت مناسب أيضًا للضغط على إيران كي تتخلى عن أي سعي محتمل لامتلاك أسلحة نووية.
لقد قاومت طهران حتى الآن المحادثات المباشرة مع الولايات المتحدة. فلماذا قد تنفتح عليها الآن؟ لأنها تدرك أن احتمال توجيه ضربة أميركية أو إسرائيلية لبرنامجها النووي أصبح أقرب من أي وقت مضى. الهدف الأسمى للسياسة الإيرانية هو بقاء النظام. وإذا ما تعرض بقاء القيادة الدينية للتهديد الحقيقي والموثوق، فإن إيران ستغيّر سلوكها. لدينا الآن الأدوات والإرادة لخلق هذا التهديد بشكل مؤثر.
إنها نافذة ضعف لن تدوم إلى الأبد، لكنها حقيقية جدًا. وأعتقد، من خلال تواصلي السابق مع السيد ترامب، أنه لا يسعى إلى حرب مع إيران. لكنني أعلم أيضًا أنه مستعد لممارسة ضغط شديد على إيران للتفاوض، ولديه المصداقية في استخدام القوة، وهي المصداقية التي غابت عن موقفنا في السنوات الأخيرة.
* كينيث ف. ماكنزي هو القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لمعهد الأمن العالمي والوطني، ومركز فلوريدا للأمن السيبراني في جامعة جنوب فلوريدا.
نشرت المادة الأصلية في صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية
عاجل: وغزة لمن؟!
موقع اليمن… نعمة ونقمة!
من اليمن إلى الصومال... من جديد
اقتربت نهاية الحوثي الإيراني
ظاهرة صحية
حق العودة لليمنيين