آخر الأخبار


الاثنين 21 ابريل 2025
في السابق كانت الآلة الإعلامية الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح ومن يديرها يتغنون بمنجزاته التي لا تحصى – حسب أحاديثهم – وأعظم تلك المنجزات هي مساحة الحرية التي أتاحها في البلاد والتي تصل لمستوى انتقاد الرجل الأول في الدولة.
لم يكن يعرف أولئك المناصرون أن كل من عارض صالح إما قتل في حادث "عارض"، أو غادر البلاد أو يقبع في السجن، بينما يتعرض البقية للتهديد وهم أولئك الذين يحظون بشعبية واسعة ويعجز نظام صالح عن الإيقاع بهم خشية إثارة الرأي العام.
فيما استنسخ بعض المعارضين ظاهرياً الموالين له في الباطن من أجل المزايدة بهم أمام منظمات حقوق الإنسان وحرية الرأي في العالم، وكان الوسط الإعلامي المتخصص في البلاد يدرك تماماً أن أولئك المعارضين قد أعطي لهم "الضوء الأخضر" لممارسة هواية النقد اللاذع.
اليوم وبعد أن خرج صالح من السلطة، وانقلب الحوثيون على الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته، وبدأ التوافق الوطني يتحول إلى تصدع، انتقل الخصام السياسي إلى استهداف واضح لحرية الرأي والتعبير والفكر وملاحقة الصحافيين الذين يغامرون من أجل نقل صورة مصغرة عما يعانيه المواطن اليمني جراء الحروب التي يديرها تحالف صالح والحوثي.
ومنذ انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في البلاد، بدأوا في ملاحقة الصحافيين وفجع الوسط الصحافي بحادثة مقتل الصحافيين عبدالله قابل ويوسف العيزري بعد أن احتجزتهم المليشيات في مخزن للسلاح تعرض بعدها لقصف التحالف.
وتعددت بعدها الانتهاكات التي تعرّض لها الإعلاميون اليمنيون ونشطاء التواصل الاجتماعي على أيدي الحوثيين، فتوزعت بين حالات قتل وإصابة واعتقال وتهديد واقتحام منازل ومكاتب وإغلاق مؤسسات وحجب مواقع وإيقاف صحف عن الصدور، وأصبح الأثير والفضاء اليمني حكراً على قنوات وإذاعات تابعة للحوثيين، فيما هاجرت مختلف الوسائل والمؤسسات المعارضة إلى خارج البلاد.
يفشل الكثير من الصحافيين في تجاوز نقاط التفتيش الحوثية نتيجة هويتهم، فيحرمون، بالتالي، من تغطية أخبار الحرب، وتطورات الوضع في البلاد، وبسبب حملات الاعتقالات والاستهداف المسلح ضد الصحافيين، لجأ هؤلاء مؤخراً إلى استخدام أسماء مستعارة من دون إظهار صورهم.
عبدالحفيظ الحطامي الذي يعمل مراسلاً من إقليم تهامة لقنوات وصحف يروي معاناته لـ "الخليج أونلاين"، في ظل ملاحقة الحوثيين له منذ انقلابهم في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وقت أن حاصروا منزله، مما جعله يعيش متنقلاً من مكان إلى آخر دون علم أسرته التي تتعرض بشكل متواصل لتهديد الحوثيين بعد كل مداهمة للمنزل.
ويضيف الحطامي: "حرمت من عملي بعد إغلاق القناة التي أعمل فيها والصحف التي أكتب لها. أصبحت ممنوعا من ممارسة عملي الصحفي، وبالتالي أعيش في ظروف بالغة الخطورة، ومهدد بالاختطاف والموت ما بين لحظة وأخرى، وقد أصبح اليمن بيئة طاردة للحرية والحياة الكريمة بتواجد المليشيات التي أزهقت أرواح اليمنيين ودمرت كل شيء جميل فيها".
واعتبر الحطامي أن "ما يحدث للصحافة والصحفيين في اليمن نكسة لحرية الرأي والتعبير والمؤسسات المدافعة عنه في العالم".
وصدر الثلاثاء 27 أكتوبر/تشرين الأول 2015م عن نادي الصحافة ببروكسل بيان أشار إلى حالات تعذيب يتعرض لها الصحافيون المختطفون بعد التحريض المتعمد تجاههم باعتبارهم "خونة" ويمثلون أكبر خطر على البلاد.
ورصدت نقابة الصحافيين اليمنيين، في تقرير لها، أكثر من 200 حالة انتهاك من بينها 16 حالة إيقاف لصحف، ووسائل إعلامية، ومصادرة آلات التصوير ومقتنيات، واقتحام منازل الصحفيين وخطفهم، فيما تعرض 10 منهم للقتل.
وحسب النقابة، تم اقتحام جميع المؤسسات الصحفية الرسمية والأهلية والاستيلاء عليها وتسريح العاملين في إذاعة صنعاء الرسمية، وفقد قرابة 300 موظف وصحفي أعمالهم، وتم حجب أكثر من 100 موقع إلكتروني.
وأغلقت مكاتب قنوات تلفزيونية، وصحف، وأصبحت العاصمة صنعاء شبه خالية من مراسلي وسائل الإعلامِ المحلية وأيضاً الخارجية، بالإضافة إلى عدد كبير من الصحافيين الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على ترك أعمالهم والعودة إلى منازلهم وقراهم خارج العاصمة، ومايزالون يواجهون خطر الموت.
الصحافي علي أبو الحياء نقل لـ "الخليج أونلاين" مخاطر عمله الصحافي وقصة اختطافه من قبل جماعة الحوثي مطلع يونيو/حزيران الماضي، كما تم مصادرة أجهزة عمله، وتعرض للتهديد من أجل الإفصاح عن أماكن تواجد الناشطين والصحافيين المعارضين لهم.
ويحكي أبو الحياء ضغط المليشيات عليه لمعرفة علاقته بقيادات مناوئة لهم، والتهديد الذي تعرض له في حال واصل عمله الصحافي ضدهم، ما اضطره إلى مغادرة سكنه إلى محافظة إب ومنها إلى منفذ الوديعة ثم المكلأ واستطاع الدخول إلى المملكة العربية السعودية عبر منفذ العبر بعد قرابة عشرين يوماً من التنقل.
وتتزايد بشكل يومي حالات المضايقة والاختطاف للصحافيين الرافضين لممارسات جماعة الحوثي وحلفاؤهم من حزب المؤتمر الشعبي العام، بتهم العمالة للخارج والعمل على تخريب البلاد.
ويحكي صحفيون أفرج عنهم أن معتقلات الحوثيين تعج بالمختطفين وأكثرهم من الصحافيين، وفي حال تم كشف هوية الصحافي من الصعب له مغادرته المعتقل، حيث أن المفرج عنهم تقمصوا أدوار أخرى غير عملهم الأساسي، بينما ظلت الوجوه المعروفة داخل المعتقلات، فيما تم ابتزاز المعتقلين غير الصحافيين لدفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم.
وفي ظروف بالغة التعقيد يمارس من تبقى من الصحافيين داخل بلادهم نشاطهم الصحافي في دائرة ضيقة محفوفة بالمخاطر في ظل محاولة الحوثيين وصالح تكميم الأفواه والتكتيم على ما يحدث داخل البلاد.
فبعد أن عجزوا عن حجب الحقائق من خلال توقف منظومة الكهرباء نهائياً وصعوبة متابعة الإعلام المرئي، حجبوا الكثير من المواقع ويقومون بصورة دائمة بحملات مداهمة لمقاهي الانترنت والمنازل والمكاتب لاعتقال كل من يشتبهون في عمله الصحافي حتى وإن لم يكن صحفياً، وتلقى بعض الصحافيين مطلع الأسبوع تهديداً بتفجير منازلهم.
وفي تطور لافت، اختطف تنظيم القاعدة في حضرموت منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري ثلاثة صحافيين في عملية هي الأولى منذ اختطاف المصور الأميركي لوقا سومرز في 2013م، الذي خسر حياته في ديسمبر الماضي خلال محاولة فاشلة من قبل القوات الخاصة الأمريكية للإفراج عنه.
الوضع المعيشي... معركة بقاء في ظل القهر
من وضعهم هناك؟
تعز ، سنة عاشرة مقاومة
الأسئلة السبعة
عشر سنوات من مقاومة مليشيا الضلال