آخر الأخبار


الجمعة 13 يونيو 2025
خم الأحاديث السياسية لا الدينية:
مثلت ما تسمى أحاديث الولاية، أو غدير خم، عمود الإمامية والشيعة بكل فرقها وأطيافها، وكذا الهاشمية عموماً بما فيها فرق من السنة أيضاً، وهي أشهر السرقات والتزويرات التاريخية التي تنافي العقل والمنطق والدين والقرآن وتشريعاته ومبادئه ومقاصده، وضربت الأمة في مقتل بشق صفوفها وتفريق كلمتها وضرب وحدتها وإسالة دمائها وإضعافها من الداخل. حتى إن الإمامة جعلت من موضوع الولاية الركن السادس للإسلام بعد أركانه الخمسة المعروفة، ليس كولاية عامة، بل كولاية خاصة لا تخرج عن صلب علي والبطنين كما يسمونه، حتى إنهم كفَّروا كل من لا يؤمن بهذه الولاية وخاصة لعلي!
فهل كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- غير صريح في إعلانه الولاية الصريحة والوصية الواضحة لعلي لو أراد ذلك؟!
لقد منع النبي عن علي منحه أمراً بسيطاً وهو سدانة البيت أو الحجابة، فضلاً عن أن يوصي له بالخلافة على المسلمين، حيث كره النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يجمع لبني هاشم بين أمر السقاية والحجابة حين دخل مكة فاتحاً، وقد سأله علي، وعند آخرين العباس. فقد روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ: «إِئْتِنِي بِمِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ» فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمٌ يَنْتَظِرُهُ، حَتَّى أَنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ وَيَقُولُ: مَا يَحْبِسُهُ؟ فَسَعَى إِلَيْهِ رَجُلٌ، وَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عِنْدَهَا الْمِفْتَاحُ - قَالَ: حَسِبْتُهُ. قَالَ: إِنَّهَا أُمُّ عُثْمَانَ - تَقُولُ: إِنَّهُ إِنْ أَخَذَهُ مِنْكُمْ لَمْ يُعْطِكُمُوهُ أَبَدًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطَتْهُ الْمِفْتَاحَ، فَأَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَفَتَحَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْبَيْتَ، ثُمَّ خَرَجَ، وَالنَّاسُ عِنْدَهُ فَجَلَسَ عَنِد السِّقَايَةِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَئِنْ كُنَّا أُوتِينَا النُّبُوَّةَ وَأُعْطِينَا السِّقَايَةَ، وَأُعْطِينَا الْحِجَابَةَ مَا قَوْمٌ بِأَعْظَمَ نَصِيبًا مِنَّا قَالَ: فَكَأَنَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- كَرِهَ مَقَالَتَهُ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ، وقال: غيّبه".
ما تسوقه عموم الشيعة الإمامية من الأحقية في ولاية علي هي تعتمد في الأساس على حديث غدير خم التالي، الذي لم يحتج به علي نفسه، ولم يسقه للناس لبيعته، وكان أول من جمعه واهتم به وتفرد به هو الطبري، كما قال ابن كثير.
وقد انتقده ابن كثير في هذا الباب، فقال ابن كثير: "جمع أحاديث خم في مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين، وساق الصحيح والسقيم، على ما جرت فيه عادة كثير من المحدثين، يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه" ، رغم أنه حديث واحد له بعض الطرق في الرواية، ومن هنا جاء في البخاري ومسلم، مع مناقضة الحديث لنفس الحديث الذي قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع يوم عرفة في حجة الوداع. كما انتقد ابن كثير أبا القاسم بن عساكر الذي سار على نهج الطبري. وقال ابن كثير عن الشيعة وهم يوردون كثيراً من أحاديث خم على غير صحة: "نحن نورد عيون ما روي في ذلك مع إعلامنا أنه لا حظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم، ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه".
ونجد أن هذا الحديث هو واحد، وله أكثر من خمسين صيغة تقريباً، يزاد فيها وينقص، ويقدم منها ويؤخر، وجُلها فيها نظر عند المحدثين، كما خرجها ابن كثير، حتى صار بعضها روايات متداولة كما يتداول الروايات الإخبارية التاريخية، وفيها بعض رجال الشيعة، وتسرد كما تسرد القصص التاريخية.
فالحديث الذي أورده ابن كثير، هو أقرب لما ورد عند مسلم، على نحو هذه الصيغة، وهو الذي رواه النسائي في سننه عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن الطفيل، عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن، ثم قال: "كأني قد دعيت فأجبت. إني تركت فيكم الثقلين؛ كتاب الله وعترة أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"، فقلت لزيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال: ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه. تفرد به النسائي من هذا الوجه. قال شيخنا أبو عبدالله الذهبي: وهذا حديث صحيح".
ولو كان هذا الحديث مشهوراً كما قيل إنه شهده آلاف المؤمنين الذين حجوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووقف فيهم خطيباً في غدير خم لوجدناه عند كل المحدثين وليس مقتصراً عند مسلم فقط، ورواية زيد بن أرقم فقط!
وهناك رواية فيها ضعف وتشيع أيضاً، كما جاءت في مسند الإمام أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبدالله، حدثني عبيد الله بم عمر القواريري، حدثنا يونس بن أرقم، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: شهدتُ علياً في الرحبة ينشد الناس: أنشد الله من سمع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول يوم غدير خم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" لما قام فشهد؟ قال عبدالرحمن: فقام اثنا عشر بدرياً، كأني أنظر إلى أحدهم، فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول يوم غدير خم: "الست أولى بالمسلمين من أنفسهم، وأزواجي أمهاتهم؟"، فقلنا: بلى يارسول الله. قال: "فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه".
وروى النسائي من حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه- قال: لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقمن فقال: "كأني قد دُعيت فأجَبت؛ إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله – تعالى- وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: إن الله -عز وجل- مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي - رضي الله تعالى عنه - فقال من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه"! وقد ورد هذا الحديث أيضاً بصيغ مختلفة فيها زيادة في كل رواية مختلفة عن الأخرى، وفيها رواة قيل إنهم في الضعفاء أيضاً، وقيل عن بعضهم فيهم تشيع.
وعلى الرغم أن جل الروايات لهذا الحديث تقول إنه في غدير خم بعد عودة النبي من الحج في حجة الوداع، إلا أن الترمذي يعيد روايته إلى يوم عرفة من طريقين، وهو المتفرد بهذه الرواية، وهنا يظهر الاضطراب في هذا الحديث متناً وسنداً ورواية؛ الأولى عن زيد بن أرقم، والثانية عن جابر بن عبدالله، مع أن رواية جابر مشهورة عند البخاري ومسلم أنه تحدث عن كتاب الله فقط، فلم يذكر لفظ سنتي ولا عترتي. وزيد بن أرقم مرة يقول إنه في غدير خم بعد حجة الوداع، ومرة يقول في يوم عرفة!
قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا ابن المنذر الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد والأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله؛ حبل ممدود من السماء إلى الأرض، والآخر عترتي: أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما".. تفرد فيه الترمذي، ثم قال هذا حديث حسن غريب.
... يتبع
فكرة الانتماء بين الجين والطين
معركة التحرير أو العبودية !
الطريق وجراثيم الكراهية
وقاحة فكرية وفقهية وعقائدية
الوطن لا يُبنى بالخرافة