الاربعاء 23 ابريل 2025
سعادة السفير و "الثمانية" و "التشاور والمصالحة" و "الأحزاب" … و "النقزة البرية"
الساعة 05:20 مساءً
د. عبدالقادر الجنيد د. عبدالقادر الجنيد

من هو الأهم، في تقرير مصير اليمن؟
١- السفير السعودي آل جابر، الذي تدفع بلاده الكثير من نفقات اليمن؟
٢- السفير الأمريكي فاجن، الذي تقصف بلاده الحوثيين داخل اليمن لليوم التاسع والثلاثين على التوالي؟
٣- الثمانية: أعضاء مجلس الرئاسة؟
٤- الحوثيون وإيران؟

أولا: السفير الأمريكي فاجن
سوف نشير بسرعة للسفير الأمريكي ستيفن فاجن، الذي تقلب كثيرا هو وبلاده خلال الشهر الماضي بشأن مصير اليمن.
١- غرد السفير فاجن قبل أربعة أيام بشأن الخلافات داخل حضرموت بأنها يجب أن تتوقف وأن يتم التركيز على التخلص من الحوثيين.
٢- عاد السفير الأمريكي فاجن وغرد يوم أمس، بعد أن شاهد نشاطا واضحا للسفير السعودي وقال:
‏"Restoring freedom of navigation will pave the way for a comprehensive, inclusive resolution to the Yemen conflict."
(استعادة حرية الملاحة ستمهد الطريق لحل كامل لمشكلة اليمن ويشمل كل أطراف الصراع)
كلمة inclusive، تعني أن أمريكا لا تمانع اشتراك الحوثيين في حكم اليمن، لاحقا.
عند هذه النقطة، يمكن أن ننهي استمرار التخمينات والتكهنات عن موقف أمريكا من الحوثيين.
وننهي الكلام عن السفير فاجن فيما يخص موضوع اليوم.
ولكن علينا أن نعود إلى الوراء "فلاش باك"، عن الطريق الذي أوصل السفير فاجن لكلمة inclusive ومشاركة الحوثيين.

ثانيا: السفير السعودي آل جابر
١- السفير والأمير
نحن ندرك أن سمو الأمير خالد بن سلمان هو الماسك للملف اليمني نيابة عن أخيه سمو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ولكن على المستوى اليومي، هناك السفير.

٢- رمزية السفير
السفير السعودي لدي اليمن، قد اكتسب رمزية هائلة بين اليمنيين لأنه المدير التنفيذي على المستوى اليومي المهتم بإدارة سياسة السعودية في أوساط "الثمانية" وفي أوساط "الحوثية".
السفير، يتواجد حتى في أوساط لا يدري اليمنيون ما هي.
لا ندري ما هي وظيفتهم في الحياة ليس في اليمن فقط ولكن أيضا على وجه كل الكرة الأرضية: "تشاور ومصالحة" و "مكونات سياسية" و "أحزاب".
وكنا ندري ما هو "مجلس النواب"، وما هو "مجلس الشورى"، ولكننا لم نعد ندري بسبب عدم اكتراث السفير.

٣- المندوب السامي
السفير، مهم للغاية.
يكاد يشابه دور سعادة السفير آل جابر دور المندوب السامي البريطاني لدي الهند أو مصر أيام الإمبراطورية البريطانية في "النفوذ" ويتناقض تماما في "المكاسب".
البريطاني كان يكسب ثروات بينما السعودي ينفق مصاريف وأيضا يخسر ثرواته في اليمن.

٤- السفير في واشنطن قبل الضرب 
التراتبية الهرمية لمنصب السفير آل جابر، لا تستدعي أن يكون برفقة الأمير خالد في زيارته للدولة الأعظم في العالم والجهة الأهم في تقرير أمور كل بلاد الشرق الأوسط.
ولكن وجود سعادة السفير مع الأمير كان أهم ما لفت أنظار اليمنيين.

لم "يستعمل" آل جابر "الثمانية" ولم يشاورهم في أمور سوف تقرر مصير بلادهم اليمن قبل مرافقته لسمو الأمير في الزيارة قبل ثلاثة أسابيع من بداية ضربات أمريكا على الحوثيين.

٥- بداية الضرب
كان هناك فهم عام بأن الرئيس ترامب، يريد معاقبة الحوثيين.
وكان هناك فهم عام بأن السعودية تفضل عدم القضاء على الحوثيين تماما- بسبب تفاهماتها مع إيران-  وإن كان من المؤكد أنها سوف تبتهج إذا تم القضاء على مخزونهم من الصواريخ والمسيرات الدرونز التي كان قد استخدمها الحوثيين في مناسبات سابقة في ضرب عاصمتهم الرياض.
لم يتمكن الأمير من منع الضرب الأمريكي للحوثيين.
نحن لا نعرف بالضبط ما الذي طلبه سمو الأمير خالد من الأمريكيين، ولكننا قد تأكدنا من تصريح وزير الدفاع الأمريكي عند ابتداء الضرب، من الآتي:
أ- "هدف أمريكا، هو فقط القضاء على قدرة الحوثيين على قصف السفن وتعطيل الملاحة في البحر الأحمر."
ب- "لا تهتم أمريكا بالصراع الجاري داخل اليمن."

ثالثا: إخماد تكهنات الحرب البرية
١- اليمنيون يتوهمون
القصف الجوي الأمريكي على الحوثيين- رغم ضراوته- لن ينهي الحوثيين لأن هذا الهدف لا يمكن إنجازه إلا بحملة برية.
اليمنيون، كانوا "يتقلقلون" و "يتقنفزون" وبداخلهم "نقزة" وفي حالة ترقب محمومة لانطلاق الحملة العسكرية البرية.
كانوا يسلطون "الإتريك" أو الضوء الكاشف على كل همسة أو حركة ويتوهمون أنها مقدمات الحرب البرية، ويهللون ويزعقون.
لم يتصوروا أن هناك أعداء بمثل هذا العقل والهدوء لا يبادرون إلى الجبهات لاستغلال محنة عدوهم الذي يعرض بلادهم للتهلكة ويذيقهم أصناف العذاب والهوان طوال عشر السنين.

٢- السفير في طهران وسط الضرب
ثم فاجأتنا المملكة باصطحاب سمو الأمير لسعادة السفير في زيارته لإيران- الصديق الأعظم للحوثي- بعد أربعة أسابيع من القصف الجوي الأمريكي على الحوثيين.
ونحن اليمنيون، نهتم كثيرا بتحركات سعادة السفير.
ومادام السفير آل جابر في طهران، فلا بد أن الأمير سوف يبحث وضع الحوثيين في اليمن.

٣- اليمنيون وزيارة طهران
نحن لا نعرف بالضبط ما الذي أراده سمو الأمير من الزيارة.
ولكن هذا ما نراه نحن اليمنيون:
أ- سمو الأمير يزور إيران، وهي في أسوأ حالاتها داخليا وخارجيا ومهددة أيضا بالضرب الإسرائيلي والأمريكي.
ب- سمو الأمير ظهر شهما ونبيلا عند الإيرانيين.
ج- كانت هناك تصريحات إيرانية سابقة بأنها سوف تنتقم من أصدقاء أمريكا (السعودية) إذا تم ضربها.
د- سمو الأمير عرض أشياء جيدة وربما هدايا ثمينة للزعيم خامنئي لكي لا توجه انتقامها ضد السعودية.
هـ- الزعيم خامنئي، كتب نصف دستة تغريدات في X تويتر يتغنى فيها بالعلاقات بين البلدين ويمدح فيها المملكة السعودية.

٤- لا حرب برية
مادام سماحة الزعيم خامنئي قد فرح هكذا بمجيئ سمو الأمير خالد، فلا بد أنه قد أخذ هدايا مناسبة كثيرة ومن ضمنها أنه لن تكون هناك حربا برية ضد الحوثيين انتهازا لفرصة الضربات الأمريكية.
الخلاصة: نجح خالد بمراضاة خامنئي وطمأنه بشأن الحرب البرية.

رابعا: المشاط يطمئن ويخرج ويخطب
بسهولة يمكن إقناعكم بأن "الزعيم" خامنئي أرسل لصديقه "الزعيم" الحوثي ليطمئنه بانعدام احتمال الحملة البرية وأنه يمكنه أن "يُوسِّح" ويمدد ويبترع ويزعق: "لا نبالي".
وظهر مهدي المشاط، رجل الحوثي المعين رئيسا في صنعاء يخطب ويتوعد ويهدد الأمريكيين، واليمنيين الذين تحت سيطرته، واليمنيين البعيدين عن سيطرته.
تأكد للحوثيين أن السعودية لن تساند حربا بريا.
ولا يمكن لليمنيين أن يخوضوا حربا برية بدون أمر من السعودية.

النقزة مستمرة
لكن اليمنيون، استمروا ب "النقزة" و "القزقزة" و "الفزفزة" بالكلام عن الحرب البرية.
وهذا أمر لا يعجب سعادة السفير.

خامسا: السفير يخمد "النقزة" البرية
قبل أيام، أحضر سعادة السفير بالطائرات من اسطنبول وأبو ظبي والقاهرة واليمن، أشخاصا لا بد وأنهم "مهمون" و "نوابغ" و "عباقرة"، إلى الرياض.
وصفوهم بأنهم: "التشاور والمصالحة".. و "المكونات السياسية".. و "الأحزاب اليمنية".
بعد الاجتماع، ظهروا جميعا في صورة مع سعادة السفير وعلى وجوههم كلهم علامات الرضا من المقابلة.
ثم غرد سعادة السفير في X تويتر:
"أكدت على أهمية دعم كل جهود الأمن والسلام والاستقرار والتنمية في اليمن."
… هذا يعني شيئا واحدا: لا حرب برية.
أكيد أنهم انبسطوا ب "المصالحة" و "السلام" وربما بأشياء لا نعرفها.
ونجح سعادة السفير في إخماد الكلام عن الحرب البرية.

الرئيس يتكلم في اليوم التالي:
رئيس المجلس الرئاسي، اجتمع- في الرياض- أيضا بنفس الأشخاص "المهمين" الذين اجتمع بهم سعادة السفير في اليوم السابق، وصدر عنه بيانا: "أكد الرئيس على انفتاحه على كافة المبادرات والرؤى الواقعية لإدارة المتغيرات الجديدة."
… وهذا واضح للغاية والقارئ الكريم ربما يكون أفضل منا بالشرح.

ثم ظهرت inclusive
… ثم ظهرت تغريدة السفير الأمريكي فاجن مع كلمة inclusive التي تعني مشاركة الحوثيين في حكم اليمن.
كلمة inclusive، أصبحت شائعة في الخطاب الغربي، وتعني هنا: "اشركوا الحوثي" !

خاتمة
هذا كلام بسيط ومُبسط لشرح ما يحدث.
من الضروري أن نسجل هذه اللحظات كما هي، لأبنائنا وأحفادنا، ليعرفوا ما حدث لآبائهم وأجدادهم بدون رتوش ولا تحوير ولا تحريف.

سوف نراقب في الأيام القادمة هذه الأمور:
١- مدى الضرر الذي سيلحق بالحوثيين بسبب الضربات الأمريكية.
٢- كيف سيستطيع "الثمانية" الرئاسيون التفاوض مع الحوثيين.
٣- كيف سينفعنا هؤلاء "المهمون" في تخفيف وطأة الحوثيين على اليمنيين.
هؤلاء "المهمون" الذين قد عرفنا- بفضل سعادة السفير- أنهم قد أصبحوا الممثلون لنا، تحت يافطات: "التشاور والمصالحة" و "المكونات السياسية" و "الأحزاب اليمنية".


آخر الأخبار