السبت 20 ابريل 2024
الفرق بين إيران والتحالف
الساعة 12:06 صباحاً
 زيد اللحجي زيد اللحجي

أعلن الحوثيون مؤخرا عن إدخال منظومة جديدة للصواريخ البالستية الخدمة، واستخدامه في معركتهم مع التحالف، وهذه المنظومة هي منظومة (بدر f ) وهي؛ وفقا للناطق باسم قوات الحوثيين يحيى سريع؛ من صنع قواتهم المسلحة، ويمثل نسخة من الصاروخ الروسي توشكا، ويحمل ذات المواصفات.

ولم يقتصر الحوثيون على استعراض قدراتهم التصنيعية في مجال التسليح العسكري على هذا الصاروخ، فمنذ بدء المعركة التي خاضها التحالف ضد الحوثيين، أعلن الحوثيون تباعا على قدرات عسكرية في التصنيع الحربي، ربما عجزت عن القيام به كبريات الدول الغربية ناهيك عن السعودية والإمارات، اللتان تعتمدان بالمطلق على شراء الأسلحة من الدول المصنعة.

ويطالعنا الحوثيون بأسلحة قالوا أنها مصنعة محليا، فمن تصنيع وتطوير أسلحة قنص مختلفة ومتعددة، إلى تصنيع صواريخ بالستية بعيدة المدى، مثل: “بركان إتش” و”توشكا” و “النجم الثاقب” و “زلزال” و ” قاهر” و “مندب” و”صمود”، وصولا إلى تصنيع طائرات مسيرة مثل: هدهد 1» و«رقيب» و«راصد» و«قاصف1»، إضافة إلى «صماد-3» التي استهدف بها الحوثيون مطار دبي الدولي! ولازالوا بين فترة وأخرى يعلنون عن ابتكارات جديدة يضيفونها إلى قدراتهم الحربية.

هذا التطور التصنيعي في وسط المليشيات الحوثية يأتي امتدادا للدعم الإيراني الخالص واللامحدود لجماعة الحوثي، لخوض المعركة المشتركة بين الإيرانيين والحوثيين في مواجهة التحالف العربي. ومن أجل هذه المعركة لم يتوان الإيرانيون في تقديم الدعم العسكري للحوثيين بكل أنواعه؛ سواء عبر تهريب الأسلحة النوعية، أو عبر تقديم الخبراء والمقاتلين، أو حتى عبر تدريبهم على عمليات التصنيع النوعي للأسلحة من الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، فغرض الإيرانيين الأول والأخير يكمن في الدفع بالحوثيين لهزيمة السعودية وكسر شأفتها في المنطقة، وصولا للقضاء عليها في عقر دارها، ووراثة أرضها الدينية والاقتصادية.

هذا الهدف المصيري بالنسبة لإيران، هو نفسه منذ بدء المعركة وإلى اليوم، لم يتغير، ولم يتبدل، ولم يتناسخ، وهو في تقديري؛ سر النجاح الذي دفع بالحوثيين لإحراز انتصارات كبيرة على الشرعية والتحالف.

وبالمقابل، فقد أتى التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات بهدف إنهاء الإنقلاب الحوثي واستعادة الشرعية اليمنية، والقضاء على المد الإيراني في اليمن والمنطقة الذي يمثله الحوثيون.

ولكن؛ ما الذي قدمه التحالف لتحقيق هذا الهدف؟ وهل لازال هذا الهدف باقيا أم عراه التفرع والتشعب والتعدد؟

المتتبع لما يقوم به التحالف في اليمن يخرج بانطباع جازم بأن التحالف لم يقم منذ انطلاقته في العام 2015 بأي عملية حقيقية تستهدف تخليص اليمنيين من الحوثيين، أو مجابهة المد الإيراني في المنطقة، وأن الهدف الذي أنشئ التحالف لأجله صار أهدافا متشعبة، تحركها الأطماع، وتوجهها المصالح الذاتية لدولتي التحالف السعودية والإمارات.

فالتحالف العربي الذي ضرب كل المواقع المعسكرية، والمنشآت الخدمية والاقتصادية، والبنى التحتية، لم يكن بهدف ضرب الحوثيين ووقف التمدد الإيراني بقدر ماهو تدمير مقدرات البلاد، وتسويتها بالأرض، ليعود اليمن جراء ذلك إلى الوراء لمآت السنين.

وإذا ما تجاوزنا ماقام به التحالف من إجراءات تعسفية في حق الرئاسة والحكومة بهدف إضعافهما، ومصادرة السيادة اليمنية، واحتلال الموانئ والمدن ومناطق النفط، والتصرفات القمعية للسياسيين والعسكريين، وإقامة المعتقلات السرية للمواطنين والناشطين، لو تجاوزنا ذلك إلى تعاملات التحالف مع قوات الجيش الوطني لاتضح الفرق بين التحالف وإيران، واكتشف أي الفريقين يكن العداء لليمنيين!

لقد عمل التحالف ومنذ البداية على استهداف الجيش الوطني بكل مؤسساته، فبينما ضرب كل المعسكرات ودمر الأسلحة، سعى إلى استبدال الجيش الوطني بمليشيات متناحرة، لاتحتكم لدستور ولا لقانون ولا لضمير ولا لدين ولا لوطن، وإنما احتكامها الوحيد للمال السعودي والإماراتي، أينما يوجهها تلهث خلفه أنى كان.

لقد عمد التحالف مبكرا لإضعاف الجيش الوطني، وتمزيق لحمته، فعمد إلى إيجاد تشكيلات للجيش ما أنزل الله بها من سلطان: قوات سلفية، وقوات مؤتمرية، وأحزمة أمنية، ونخب عدنية، وحضرمية، وشبوانية، كلها تعمل بتوجيهات إماراتية، وحدد لها عدوا استراتيجيا توجه له سلاحها؛ هو بقية قوات الجيش التي صنفها التحالف بالأخوانية.

ووفقا لهذا التفيت والتقسيم الذي فرضه التحالف على الجيش الوطني سارت جبهات القتال، فالجبهات الخاضعة للإمارات تتلقى كل أنواع الدعم، المالي والتسليحي واللوجستي، ولذلك تحركت بوتيرة عالية، ليس من أجل تحقيق الهدف الذي وجد لأجله التحالف وهو هزيمة الحوثيين، وإنما لتحقيق أطماع الإمارات.

وأما الجبهات المصنفة إخوانيا فظلت في مواقعها تأكل وتشرب وتنام، وقد  منعت عنها المرتبات، وحجبت عنها الأسلحة النوعية، وباتت تتصدى لهجمات الحوثيين المتكررة التي حصدت أرواح كثير من أفراد الجيش في تلك المواقع الآسنة بقرار من التحالف، كجبهة نهم وصرواح والبيضاء وتعز.

وأكثر من ذلك، فقد وصل حقد التحالف اللا أخلاقي واللاديني واللا إنساني إلى استهداف الجيش في تلك المواقع بصواريخ موجهة من طائرات التحالف، كلما أحرز نصرا، أو حقق تقدما، أو تحفز لقتال الحوثيين.

وبين ماتقدمه إيران لحلفائها الحوثيين، وما يقدمه التحالف لحلفائه من الشرعية، يكمن الفرق، فالحوثيون تحولوا من مليشيات إلى جيش نظامي مصنع لمختلف أنواع الأسلحة المتطورة، والجيش الوطني تحول من جيش نظامي إلى مليشيات متناحرة.

وهكذا تحول الحوثيون من الدفاع إلى الهجوم في كل المواقع، بينما أضحت قوات الشرعية والتحالف إلى الدفاع، والتقهقر في كثير من الجبهات، ولعل جبهة العود في الضالع خير دليل.

ولاشك أن الانتصارات العسكرية التي يحرزها الحوثيون تنعكس إيجابا على الجانب السياسي، فقد بات الحوثيون هم المتحكم في توجيه بوصلة المفاوضات!

أرأيتم الفرق بين التحالف وإيران؟!


آخر الأخبار