الحوار مدخل الحل السياسي في اليمن
2016/04/08
الساعة 09:55 مساءً
lass="author">حسن المصطفى
الحل السياسي للأزمة اليمنية، لا يمكن أن يتم دون أن يكون هنالك حوار حقيقي وجاد، بين الأطراف المتصارعة؛ لأن استمرار الحرب، لن يقود اليمنيين إلا إلى مزيد من ضياع الوقت، والدمار، وسقوط آلاف القتلى، وسيعمق الانقسام المجتمعي والمذهبي، ما يمنح "القاعدة" والمجموعات الأصولية الأخرى فرصة سانحة للتمدد، والسيطرة، واجتذاب أتباع جدد، فالمجموعات الإرهابية تعتبر حال "الفوضى" بيئة مناسبة لها، تسعى من خلالها لفرض نفوذها، والحلول مكان الدولة.
ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وفي حواره مع شبكة "بلومبيرغ" تناول الملف اليمني، كاشفا عن وجود "عملية تفاوضية كبيرة، ولدينا اتصالات جيدة مع الحوثيين مع وفد موجود حالياً في الرياض".
مضيفا "نحن نعتقد بأننا قريبون أكثر من أي وقت مضى من الحل السياسي في اليمن" مؤكدا في حديثه "نحن ندفع باتجاه هذه الفرصة على الأرض".
حديث الأمير يشير إلى أن هنالك "إرادة حل سياسي" قوية، وهذه الإرادة في حال تعززت عبر عملية بناء ثقة، وإجراءات تهدئة على الأرض، والذهاب إلى "حوار الكويت" في 18 إبريل الجاري، بعقلية منفتحة، تفاوضية، تريد أن تصل إلى أرضية مشتركة، تؤسس تفاهمات قابلة للتطبيق، من شأن ذلك كله أن ينتشل اليمن من مرحلة الحرب، إلى البدء في عملية سياسية انتقالية، تحافظ على ما تبقى من كيان الدولة، وترجع إلى اليمنيين حياتهم الطبيعية، شيئا فشيئا.
قد يكون حديث وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، مفاجئا لكثيرين ممن لا يودون أن تعيش المنطقة في حال استقرار، ولا يرون مستقبلا لهم إلا وسط التوترات والقتال. وهذا النفر من "تجار الحروب"، يسعى جاهدا لتعميق التناقضات السياسية والطائفية والأمنية، واجدين في الصراع الإقليمي فرصتهم نحو تقويض بنية "الدولة" ومفهومها، وفسخ ارتباط الناس بها.
الأمر يتعلق أيضا بما يسميه عالم الاجتماع الإيطالي فاوست أنطونيني ب"سحر العنف والعدوانية"، الذي يسيطر على كثير من الثقافات والشعوب. و"هذا السحر هو مصدر المشاعر المتضاربة والعنيفة".
فهؤلاء الذين يوغلون في طلب الفتك ب"الغير"، يودون أن ينعموا هم بالأمن والسلام، في تناقض مفاهيمي واضح، يدل على أنانية فجة وكريهة، وعلى رفض ونفي ل"الآخر"!.
أنطونيني، وفي كتابه "عنف الإنسان أو العدوانية الجماعية"، يشير إلى أن "المشكلة الحقيقية لا تقوم أبدا على إزالة الحروب، بقدر ما تقوم على دفع الناس إلى عدم الرغبة على القيام بها".
الحروب يستطيع الساسة والعسكريون العمل على إيقافها، عبر عملية حوار مباشر، وإن كان شاقا وصعبا، لكنهم في النهاية سيصلون إلى نتيجة، وإن بعد حين، تكون محل التقاء الأطراف المتنازعة كون هؤلاء النفر من النخبة، تحركهم العقلانية، والواقعية، والإدراكان السياسي والعسكري لموازين القوى، والأهداف التي من أجلها تشن الحروب. على العكس من عامة الناس، الذين تحرك فيهم الحروب النوازع العاطفية، والحماسة، والرغبة في الغلبة!.
لذا فمن من المهم ليس مجرد "إزالة السلاح"، وإنما أيضا وبدرجة أكبر "معرفة ما سيحدث بالعدوانية المتراكمة، عندما لا يعود بالإمكان استعمالها للقيام بالحروب".
ما يسميها أنطونيني "العدوانية المتراكمة"، تغذيها في عالمنا العربي النزعات "العدوانية"، تلك التي تعلي من شأن الذات، العائلة، القبيلة، الأنا، في مواجهة الآخر، الدولة، المدينة. إذن، هي عملية صراع بين قيم مختلفة، ووعي مختلف، وأساليب حياة متضادة.
ما يمكن أن يشكل مخرجا لليمنيين، هو أن تكون "الدولة المدنية" مفهوما يؤمن به الجميع، ويسعون لأن ينضووا تحت شرعيته، وأن تجري العملية السياسية وفق قواعدها، وما يقره دستورها، بحيث لا تكون هنالك كيانات خارج هذه الدولة، أو مهددة لها، أو تتمتع بامتيازات حصرية تفوق في قوتها قوة الدولة.
لمتابعة أخبار “بوابتي” أول باول إشترك عبر قناة بوابتي تليجرام اضغط (
هنــــا)