محمد جميح
قلت لصديقي الإنجليزي ديفد فيفرس: ما الذي يميز الإنجليز؟ قال النكتة؟ الإنجليز شعب مرح، يحب النكتة. يقول لك الانجليزي، وهو يودعك: Take it easy، وهكذا يريدون أن تؤخذ الحياة بسهولة، ببساطة، وبدون تكلف. يسعى الإنجليزي للنكتة ليتخلص من كآبة الجو البارد، ويأتي بها لاذعة، تندرج ضمن الأدب الساخر، وقد تكون ساخنة "قليلة حياء"، يتناقلونها بشكل يهدف إلى الضحك الذي يجعلهم يدفأون قليلاً. يقول الانجليزي: دع بسمتك تغير العالم، ولا تسمح للعالم أن يغيرها. أما الإنجليزية فتضع قائمة من مواصفات شريك الحياة، أو ‘Mr Right’. تقول إن أهم مزاياه: أن يجعلني أضحك، أن يكون لديه حسُّ النكتة. إحداهن كتبت لإحدى الصحف: لا أريد أن أرى صورة شريك حياتي المستقبلي، أريد فقط أن يظهر أسنانه قليلاً. تنظر إليك جارتك الانجليزية: فإذا وجدتك متجهم الوجه، مسَّتها رعدة، وتراجعت للوراء، متمتمة بصلاة خفية أن يحميها الرب من الشياطين. كانت إلين تسميني "أبو الهول"، وتزعم أنني لا أبتسم، وتقول: أنت إنسان طيب القلب، لكنك ثقيل الروح. أقول مبتسماً: كيف أستطيع الضحك إذن؟ تقول: كيف تكون معي، ولا تستطيع أن تضحك، أيها البليد هههه؟ إلين تضحك دائماً، وتشارك في أعمال خيرية، وتقوم بها دون مقابل، وتعتمد على ما يأتيها من الإعانة الاجتماعية فقط، وتقول: عندما لا أجد من أضحك منه، أبدأ الضحك على نفسي. أحاول جاهداً أن أقول لها: أنا مختلف لديَّ هموم كثيرة، وبلدي يحترق. تقول: كانت بلاد وينستون تشيرشل تحترق، وكان أعظم هماً منك، وكان يبتسم، في وقت كان هتلر فيه يغرق بريطانيا بقنابله. قام تشيرشل بأشياء عظيمة في حياته، وعندما سقطت أوربا في يد هتلر، وطلب من تشيرشل الاستسلام، قال: "سنقاتل في السواحل، سنقاتل في السهول، سنقاتل في الحقول، سنقاتل في الشوارع، سنقاتل على الهضاب والمرتفعات، لن نستسلم أبداً."، وابتسم تشيرشل، وقاتل، وانتصر. تقول إلين: رغم أن تشيرشل أعظم رئيس وزراء بريطاني، وأنه قام بأعمال جعلته في الصفوف الأولى لعظماء التاريخ، ورغم مهامه الجسيمة إلا أنه كان يبتسم، ويقول: أعظم عمل قمت به في حياتي، على الإطلاق، هو أنني استطعت إقناع زوجتي أن تتزوجني، ههههه. مرة سافر أعرابي مسافة طويلة على ظهر جمله، قضى أياماً وليالي عديدة، إلى أن لقي نبيَّ الإسلام في المدينة. قال له: أوصني. قال النبي: لا تغضب. ردد الأعرابي كثيراً: يا رسول الله، أوصني. ردد النبي الكريم: لا تغضب. أعتقد أن أحدنا اليوم لو شد رحاله إلى النبي ذاته، وقابله، وقال له: أوصني. لرد عليه النبي الكريم: ابتسم، ابتسم، ابتسم. تبسموا إذن... قيل إن البسمة هي أقصر الطرق إلى القلوب، وربما كانت أقرب الطرق إلى السماء أيضاً... نحن نعيش مرة واحدة، فعلام نحزن مرتين. طاب نهاركم. ودامت بسماتكم.
لمتابعتنا اخبار “بوابتي” أول باول إشترك عبر قناة بوابتي تليجرام اضغط
هنـــــا