الاثنين 21 ابريل 2025
الرئيسية - كتابات - جرائم أخلاقية عبر الانترنت
جرائم أخلاقية عبر الانترنت
تنزيل
الساعة 09:49 مساءً
د. علي القحيص مما لا شك فيه أن أحدا لا يمكنه أن ينكر أهمية مواقع التواصل الاجتماعي وفائدتها، ودور الشبكة العنكبوتية والتقنية الحديثة في تطور ذهنية العقل البشري، في أيامنا هذه، حيث تلعب شبكة الاتصالات، ومواقع التواصل المختلفة مثل فيس بوك وتويتر وغيرها من المواقع الإلكترونية دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام وإيصال المعلومة بسرعة فائقة، ليس في تقريب الناس من بعضهم البعض، وإنما في نشر الحوار الثقافي، وإيصال المعلومة المهمة وتأثيرها على المتلقي والتعامل معها، وتبادل الاراء والأفكار وردود الأفعال، في جو لاحدود لامكاناته، لكن ما يدعو للاستغراب والاستهجان والأسف، أن بعض ضعاف النفوس وضحلي الثقافة وسطحيي التفكير، والحاقدين والحاسدين لا يمتلكون ما يدلون به في هذه المحافل الثقافية بامتياز ونفعها وفائدتها، وإنما يستخدمونها في سبيل نشرالكراهية وما تحمله نفوسهم من شر وبغض وحقد وضغائن وتشويه سمعه وسوء تصرف وإيذاء الآخرين، من خلال انتحال اسماء وهمية ومستعارة وانتحال شخصيات بهدف الابتزاز والتجني والتشفي وخدش كرامات الناس والنيل من سمعتهم، فيستغلون الشبكة العنكبوتية في غير ما وجدت لاجله من صالح عام،من خلال التشهير بالاخرين وزرع الفتن وشرخ صفوف المجتمع، والطعن بوطنيتهم ونسبهم وأعراضهم والنيل من أخلاقهم ووطنيتهم، وتصيد هفواتهم وتضخيمها والتشهير بهم وفضحهم أمام الآخرين بأسلوب رخيص وفج، لا..بل اتهام هؤلاء الاخرين بما ليس فيهم، ومن ثم التصويب الى سمعتهم ومكانتهم الإجتماعية والعائلية، عبر صفحات الانترنت الكثيرة التي اغنتهم عن كتابة على الجدران ودورات المياه التي كانت مرتعا لهم، وكما قالت كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي، (فإن التكنلوجيا الحديثة بدلا من أن تستخدم في تقريب الشعوب، أضحت مرتعا لأساليب بث الرعب والكراهية والرعب والترويع والتشويه)،انتهي قولها. أصبح ذلك الفضاء الرحب الذي أثبت أنه يعد من أهم ابتكارات العصر الحديث، والحقيقة المؤلمة هي أن هذه الاساءات لا تأتي دائما من الجهلة، وناقصي المعرفة والمراهقين، أو الطبقات الادنى في المستوى التعليمي أو الاجتماعي، وإنما قد تأتي من خلال من يسمون انفسهم بالباحثين والعارفين، ومايحصل اليوم من شتائم وسب ونشر كلام متدنٍ في المستوى العلمي والأخلاقي ويسب أحدهم ويتطاول وهو مختفٍ بزاوية الظلام لأنه لايستطيع المواجهه لأنه أصغر من ذلك، مستغلا هذا الفضاء بنشر كلمات جارحة ومؤذية، في سبيل غايات وأغراض أخرى، اقل ما يقال فيها،بأنها سوء أدب وسوء خلق وتصرف سيئ واحمق ومشين، من أجل الاساءة المقصودة للاخرين وتعريتهم وفضحهم والنيل من كرامتهم ومحاربة نقاط نجاحهم. إن انتشار اشباه الرجال، الذين يتصارعون فيما بينهم على شبكات التواصل الاجتماعي، كمصارعة الثيران أو معركة الديكة أحيانا،ان دلت على شيء فانما تدل قبل كل شيء على ضحالة أصحاب هذه التصرفات المشينة والمسيئة للوطن وللمجتمع والفرد نفسه، وضرورة الانتباه للمخاطر التي يحملونها وتعشش في رؤسهم العفنة المريضة، وهو ما يستدعي بشكل كبير، ايجاد آليات لمعاقبة هؤلاء ومحاسبتهم وردع بث سمومهم وأمراضهم الخبيثة بين الناس، وإيقاف هذيانهم الرخيص وصراخهم ومهاتراتهم المزعجة والمؤذية للآخرين، تحت طائلة الجرائم الجنائية الإلكترونية،لأن التعرض لشخص ما، او الاساءة إليه كلاما أو شعرا أو نثرا، او من خلال الصورة، انما هي جرائم جنائية قد تلحق بالمجني عليهم اضراراً نفسية كبيرة، تفوق حتى الاثار الجسدية الناتجة عن الاعتداءات الجسدية. ولعل ما يستوقفنا هنا ما كشفت عنه مؤخرا شركة “المطورون العرب” الموردة والمشغلة للأنظمة التقنية، والتي قالت إنها تعمل حاليًا على تطبيق نظام جديد في المملكة العربية السعودية سيتم بموجبه اعتقال المسيئين للآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي ومحاكمتهم ومحاسبتهم، مشيرة إلى أن هذا النظام قائم منذ أعوام فى الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا مؤكدة انه أصبح بالإمكان توظيف نظام تقني رقابي دقيق جدا ورادع وصارم وحاسم، يستهدف وسائل الإعلام التقليدية، إلى جانب شبكات التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها وأنواعها. واستنادا الى اهمية مثل هذه الخطوة فاننا نرى ان من المهم البدء بتجريم هذه الممارسات اللاأخلاقية المشينة،التي لا تمت الى ثقافتنا العربية والاسلامية بصلة، ولا لعاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة الحميدة، والتي ليس من شأنها ان تدمر نسيج المجتمع الداخلي وتشوه صورنا امام العالم والآخرين،لا سيما مع انتشار وسائل الاتصال السريع ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل مذهل وبدون رقابة وبدون حدود جغرافية، إنها خطوات لابد من اتخاذها ان اردنا ان نستفيد من هذه المنابر الاعلامية والثقافية المسماة بمواقع التواصل الاجتماعي، وردع أصحاب العقول المريضة والألسن القذرة والأيادي الحاقدة الخفية؟  

آخر الأخبار