الثلاثاء 29 ابريل 2025
الرئيسية - إقتصاد - الصين تعزز قوتها العالمية عبر الحرب الرمادية ووسائل استراتيجية خفية
الصين تعزز قوتها العالمية عبر الحرب الرمادية ووسائل استراتيجية خفية
الساعة 01:50 مساءً (بوابتي )

في عالم سريع التغير، تتجنب الصين المواجهات العلنية، مستبدلة إياها بتكتيك دقيق يُعرف بـ"الحرب الرمادية"، حيث تعتمد على أدوات سياسية واقتصادية وتقنية لإحداث تأثيرات تدريجية تُضعف خصومها على المدى البعيد.

بدلاً من المعارك المباشرة، تتقن بكين فن استنزاف خصومها بخطوات بطيئة، في حين تستخدم المفاجآت التكتيكية لإحداث اضطراب في مواقف خصومها دون تحذير مسبق. وعلى الرغم من أن هذه الأدوات لا تتضمن الأسلحة العسكرية، إلا أن تأثيراتها قد تتجاوز أحيانًا وقع القوة العسكرية نفسها.



ومع نمو حضورها الدولي، تطور العلاقة بين الصين والولايات المتحدة إلى أكثر من مجرد تنافس، لتصبح صراعًا على إعادة تشكيل النظام العالمي، حيث تسعى بكين لتحويل النظام إلى تعددية قطبية، متفوقةً في الصناعات العالمية، مع سيطرتها على 31% من الإنتاج الصناعي العالمي.

تستخدم الصين أدوات اقتصادية مدروسة لإحداث اختلالات في الاقتصاد الأميركي دون صراع مباشر. من خلال فرض رسوم جمركية مضادة، وتقنين صادراتها من المواد الأولية، تعدل الصين أسعار السلع، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة. هذه السياسات تساهم في ارتفاع مستويات التضخم، ما يضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الأميركي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الصين هيمنت على 80% من إنتاج المعادن النادرة التي تشكل أساسًا أساسيًا للصناعات العسكرية والتقنية، بما في ذلك الرقائق الدقيقة والطائرات المتطورة. من خلال السيطرة على هذه المعادن، تمتلك بكين أداة قوية تؤثر على صناعة التكنولوجيا والجيش الأميركي، مما يزيد من تحديات إدارة الحرب التجارية بين البلدين.

تعمل الصين على تقويض هيمنة الدولار الأميركي من خلال استراتيجيات محكمة تشمل توقيع اتفاقيات تبادل العملات باليوان، وتوسيع استخدامه في تسعير السلع العالمية. كما تسعى إلى تأسيس منصات مالية بديلة لنظام سويفت العالمي، وتعمل على تقليل الاعتماد على الدولار في التجارة الدولية.

هذه الخطوات لا تسعى لتدمير الدولار بشكل مفاجئ، بل إلى تقليل هيمنته تدريجياً، وهو ما يُلاحظ في تزايد الاعتماد العالمي على اليوان في ظل تراجع الثقة في الاستقرار السياسي الأميركي، خاصة بعد ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.

تستخدم الصين أيضًا استراتيجيات غير مباشرة للضغط على الشركات الأميركية العاملة في الصين. من خلال فرض تغييرات قانونية غير متوقعة أو تأخير إجراءات تنظيمية، تجعل الصين بيئة العمل صعبة وغير مستقرة للشركات الأميركية، مما يؤثر على أرباحها ويزيد من تقلب الأسواق.

من خلال هيمنتها على أسواق الطاقة النظيفة والإلكترونيات، تسعى الصين إلى توجيه ضغوط اقتصادية على الولايات المتحدة وحلفائها. تنتج الصين 90% من الألواح الشمسية العالمية وتهيمن على أكثر من 75% من بطاريات السيارات الكهربائية، مما يعزز قوتها في أسواق الطاقة المستقبلية.

في إطار سعيها لإعادة تشكيل النظام العالمي، استثمرت الصين بشكل كبير في أدوات ناعمة مثل التعليم والثقافة، حيث أنشأت مراكز تعليمية وثقافية في العديد من دول العالم. وتعمل على تعزيز تعاونها مع الدول النامية من خلال مشاريع الحزام والطريق، بينما تضغط على حلفاء واشنطن بشكل غير مباشر.

 

بينما تواصل الصين تعزيز قوتها باستخدام "الحرب الرمادية" وأدوات ناعمة وفعالة، تواجه الولايات المتحدة تحديًا مستمرًا في الحفاظ على موقعها القيادي في النظام العالمي. ومع هذا التحول، يبرز صراع جديد حيث لا يتطلب الانتصار فيه السلاح، بل استراتيجية صبر وتخطيط طويل الأمد.


آخر الأخبار