يعاني ملايين البشر حول العالم من آلام الظهر المزمنة التي تقيد حركتهم وتؤثر سلبًا على حالتهم النفسية ونوعية حياتهم. وفي حين يلجأ الكثيرون إلى العلاجات التقليدية كالأدوية والعلاج الفيزيائي أو حتى الجراحة، بدأ باحثون مؤخراً في استكشاف حلول بديلة تنبع من داخل الدماغ نفسه.

دراسة حديثة أجراها فريق علمي من جامعتي ولاية بنسلفانيا وويسكونسن ماديسون، تابعت حالات 770 شخصًا بالغًا يعانون من آلام مزمنة في أسفل الظهر – وهي آلام تستمر لأكثر من ثلاثة أشهر دون وجود إصابة واضحة أو سبب عضوي مؤكد.

شارك المتطوعون في برامج علاج جماعية استمرت 8 أسابيع، تمحورت حول نوعين من العلاج الذهني:

العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يهدف إلى تغيير أنماط التفكير والسلوك السلبية المرتبطة بالألم.

العلاج القائم على اليقظة الذهنية (MBT): يركز على تنمية وعي الفرد باللحظة الحاضرة دون إصدار أحكام.

وبعد متابعة المشاركين لمدة عام، سجّل الباحثون تحسناً ملحوظاً في مستويات الألم والقدرة الحركية والنوم والحالة المزاجية، إلى جانب انخفاض في الاعتماد على مسكنات الألم، خصوصًا الأدوية الأفيونية التي تُعد مثار قلق بسبب ارتباطها بالإدمان.

وأكد فريق البحث أن العلاجات الذهنية أظهرت تأثيراً فعّالاً وطويل الأمد، داعين إلى دمجها ضمن الخطط الطبية الموصى بها لعلاج آلام الظهر، وتوسيع التغطية التأمينية لتشمل هذه الأنماط العلاجية.

وتنسجم نتائج هذه الدراسة مع توجه علمي متصاعد يرى أن العقل لا يقل أهمية عن الجسد في التعامل مع الألم، إذ أظهرت تجارب سابقة أن تقنيات مثل التأمل والوعي الذهني والعلاج المعرفي يمكن أن تخفف أيضاً من أعراض القولون العصبي، واضطرابات القلق، وحتى الاكتئاب.