كشفت دراسة حديثة أن الصيام خلال شهر رمضان قد يكون له تأثير إيجابي ملحوظ في الحدّ من نوبات الصرع لدى المسلمين المصابين بالمرض، خاصة أولئك الذين يعانون من نوبات الصرع البؤرية، الغيابية، والارتجاجية العضلية.

ووفقًا للدراسة، التي نُشرت في دورية "علم الأعصاب التغذوي"، فقد أدى الصيام خلال الشهر المبارك إلى انخفاض كبير في تواتر النوبات لدى المرضى، وهو ما يعزز فكرة أن الامتناع عن الطعام لفترات محددة قد يكون له فوائد علاجية للصرع.

نتائج غير متوقعة
وأوضحت الدكتورة رحاب مجدي، المحاضرة في قسم الأعصاب بجامعة القاهرة والمؤلفة الرئيسية للدراسة، أن الصيام في رمضان يمثل مصدر قلق للعديد من المرضى الذين يتساءلون عن مدى أمانه وتأثيره على حالتهم الصحية.

وأضافت:
"بعض جوانب الصيام مثل قلة النوم والإجهاد البدني قد تؤدي إلى زيادة النوبات، لكننا كنا نعتقد أيضًا أن الصيام قد يكون له تأثير مشابه للعلاج بنظام الكيتو الغذائي، الذي يعتمد على تقليل الكربوهيدرات وزيادة الدهون، ويُستخدم منذ أكثر من 100 عام لعلاج الصرع."

وشملت الدراسة أكثر من 300 مريض بالصرع ممن تتجاوز أعمارهم 12 عامًا، حيث تمت متابعتهم خلال ثلاثة أشهر، هي: شهر رمضان، والشهر الذي يسبقه، والشهر الذي يليه.

انخفاض واضح في تواتر النوبات
وأظهرت النتائج أن 40% من المرضى الذين يعانون من النوبات البؤرية والارتجاجية العضلية، و60% من مرضى النوبات الغيابية، شهدوا انخفاضًا بنسبة 50% على الأقل في معدل النوبات خلال رمضان، مع استمرار التحسن حتى بعد انتهاء الشهر الكريم.

لكن الدراسة أوضحت أن الصيام لم يكن له تأثير إيجابي على نوبات الصرع التوترية الارتجاجية العامة، ويُرجّح أن السبب يعود إلى قلة النوم لدى المرضى.

توصيات مهمة للمرضى
أكدت الدكتورة رحاب مجدي أهمية استشارة الأطباء قبل رمضان بشهرين أو ثلاثة لتعديل العلاج بما يتناسب مع الصيام، مشددةً على ضرورة تناول كميات كافية من الماء خلال فترة الإفطار للحفاظ على استقرار الحالة الصحية.

كما أوصت بضرورة توجيه مرضى النوبات البؤرية والارتجاجية العضلية إلى إمكانية الصيام، في حين يجب على المرضى الذين يعانون من الصرع المقاوم للأدوية تجنّب الصيام حرصًا على صحتهم.

الصيام ونظام الكيتو.. تشابه في التأثير
علّقت ماكنزي سيرفينكا، مديرة مركز الحمية الغذائية للصرع في جامعة جونز هوبكنز، على الدراسة قائلة:
"هناك أدلة متزايدة على أن الصيام المتقطع، الذي يشبه صيام رمضان، قد يكون له فوائد لبعض مرضى الصرع، تمامًا كما هو الحال مع النظام الغذائي الكيتوني."

ويفتح هذا البحث الجديد آفاقًا واسعة لدراسة العلاقة بين الصيام والصرع، مما قد يساعد في تطوير استراتيجيات علاجية جديدة تعتمد على التعديل الغذائي بجانب الأدوية التقليدية.