الاثنين 21 ابريل 2025
الرئيسية - كتابات - في اليمن وجهان لوجع واحد!!
في اليمن وجهان لوجع واحد!!
08-08-15-425103897
الساعة 10:07 مساءً
عبد الواسع الفاتكي يبدو أن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ، وضع محددات لتحركاته العسكرية والسياسية ، ضد الانقلاب في اليمن ، مثلت نقاط ضعف أخرت الحسم ، وحافظت على تماسك الانقلاب حتى اللحظة الراهنة ، ودفعت الأطراف المناهضة لعمليات التحالف العسكرية ، والمتقاطعة مصالحها مع طهران ؛  لاستغلال مراوحة قوات الجيش الوطني والمقاومة ، مسنودة بقوات من  التحالف العربي ، في منطقة وسطى بين النصر والهزيمة ، نحو الدفع لمفاوضات تؤدي للاتفاق على مخرجات توافقية ، تضمن بقاء مليشيات الانقلاب ، كطرف فاعل وأساسي في صياغة وإدارة المستقبل السياسي لليمن ، فوزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند  يصرح ، قبل بضعة أيام  : إن التحالف العربي انتهى من تحقيق أهدافه العسكرية ، وآن الأوان للدخول في الحل السياسي ، لكن المطلع على حقائق الواقع في المشهداليمني ، يدرك أن مثل هذه التصريحات تصب في مصلحة الانقلاب ، وأن كل مؤتمرات البحث عن مخرج سياسي ، لن تسفر عن شيء ، إذا لم يتغير واقع الميدان اليمني نحو أرضية تنعطف به نحو الحسم . ينبغي لتدخل التحالف العربي في اليمن ، أن ينطلق من رؤية شاملة ، وحل متكامل وجذري للوضع اليمني ، غير محصور في تأديب مليشيات الانقلاب ، وإجبارها للجلوس على طاولات الحوار ، واستكمال تنفيذ ما تبقى من المبادرة الخليجية ، دون أن تتجرد أولا من أسلحتها التي تقوض بها المسار السياسي ، وتأخير تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ، عند الاطمئنان بأن الجيش والأمن الوطني هو القوة الضاربة في اليمن ، فخطورة الوضع الإقليمي وتسارع الأحداث ، لا تجعل التعامل مع الملف اليمني بالمنطق التقليدي مجديا ، ولا مناص من أن يتخذ التحالف العربي خطوات سريعة وحاسمة ؛ تقضي على تمرد مليشيات الانقلاب وخروجها عن المشروع الوطني بل والعربي ، بعيدا عن ترف سنوات من التفكير والاستعداد والإذن من الراعي الغربي لكل مشاريع التدمير ، التي تنخر في جسد الأمة العربية . لقد ألقت مليشيات الانقلاب في اليمن ، كونها سلطة الأمر الواقع  ،  بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية عن المدنيين ، على التحالف العربي ، مرتكبة في حقهم انتهاكات جسيمة ، خارجة عن الاتفاقات الدولية والأعراف الإنسانية ، فقطعت الكهرباء والمشتقات النفطية عن كثير من المدن اليمنية ، بمبرر تصدرها لمقاومة العدوان الخارجي على اليمن ، وحاصرت المدن  من الغذاء والماء والدواء ، بذريعة احتضانها لمرتزقة العدوان،  لدرجة تنذر بوقوع كوارث إنسانية ، في مقابل أن الوضع الإنساني في سلم أولويات السلطة الشرعية والتحالف العربي ، يأتي في الدرجة الثانية ،  بعد العمليات العسكرية ضد مليشيات الانقلاب ، يعزز ذلك الاكتفاء فقط ، بالتناول الإعلامي لمعاناة المدنيين ، في إطار حرب إعلامية مع الانقلابيين ، دون البحث عن سبل تنقذ مئات الآلاف من  النساء والشيوخ والأطفال من الموت المحقق ، فمدينة تعز أيقونة النضال الوطني ، تتعرض لحصار خانق ، منذ عدة أشهر ، دون تحرك جاد وسريع ؛ لإغاثة سكان المدينة ،  بإنزال جوي للمواد الغذائية والأدوية ، أو بفتح  ممرات آمنة لمنظمات الإغاثة المحلية والدولية ؛ لتتمكن من إيصال مواد الإغاثة للمتضررين ، لاسيما وأن التحالف العربي كلما زاد من وتيرة عملياته العسكرية ضد الانقلاب ، كلما  أوغل الانقلابيون في زيادة معاناة المدنيين ، وعندما تتعرض مواقعهم للقصف الجوي ، يدكون بأسلحتهم الثقيلة الحارات والأحياء السكنية ، ولذلك بات كثير من اليمنيين ، ينظرون لاستمرار الانقلاب وتأخر حسم التحالف ، بأنهما وجهان لوجع واحد؛ موت وحصار و دمار و مرض. لوكان التدخل العسكري ضد الانقلاب في اليمن ، لأسباب تتعلق بالأمن القومي الخليجي والملاحة العالمية ، ولو كانت هذه الأسباب وحدها ، هي التي ستوقفه ، ولو تم الاكتفاء من العمليات العسكرية ، بإزاحة سلطة مليشيات واستبدالها بسلطة أخرى ، مهمتها حراسة أمن الجوار الخليجي ورعاية مصالحه ، ولو كانت سالبة للثروات ، مصادرة للحقوق ، مذيقة الشعب اليمني شتى صنوف القهر والاستبداد ، فإن إخواننا في الخليج لن يكونوا بمنأى عن الخطر ، وأن ما أنفقوه في سبيل ذلك ، سيذهب هدرا  ، وسيتحول اليمنيون لمشاريع انتقامية منهم ، تستخدمهم السلطة المدعومة ، متى ما شعرت بتضارب مصالحها مع مصالح الخليجيين ، مثلما يصنع المخلوع صالح الآن ، ولذلك كان لزاما ، أن يكن استقرار وتنمية الشعب اليمني، هو المقياس الذي على ضوئه ، يقاس نجاح أو فشل تدخل التحالف في اليمن ، وأن يكن ذلك ضمن خطة شاملة ، تخفف من معاناة اليمنيين جراء الحرب ، وتساهم في الانتعاش الاقتصادي ، والقضاء على البطالة ، المنتشرة بشكل كبير بين الشباب ، الذين جزء كبير منهم اليوم ، هم وقود المعارك التي تطحن اليمن ، وقبل ذلك كله ، مساعدة اليمنيين في الولوج للخيار الديمقراطي ، في التداول السلمي للسلطة ، عوضا عن دعم أنظمة سلطوية استبدادية ،  لا تنتج إلا كوارثا على اليمن وجيرانه.

آخر الأخبار