آخر الأخبار


الثلاثاء 6 مايو 2025
تصبح المأساة فنا يوميا، في اليمن ، والحكمة عملة نادرة،
ثمة مشهد بائس يتكرر: شرعيةٌ تعمل ضد نفسها وكأنها موظفة رسمية في وزارة الهزيمة.
بمعنى أدق لم نعد بحاجة للح..وثيين كي يعرقلوا الدولة، فهناك "شرعية محترمة" تتكفل بالمهمة على أكمل وجه، تحفر قبرها بملاعقها الذهبية، وتدفن هيبتها تحت أقدام المجاملات.
ترى هل سمعتم من قبل عن حكومة تحارب خصومها السياسيين بنبل شديد، بينما تحارب نفسها بدهاء العدو؟ إنها الشرعية اليمنية، النسخة السياسية من فيلم "الضحية والجلاد في جسد واحد". تقول إنها تسعى لاستعادة الدولة، لكنها كلما اقتربت من زاوية ممكنة، غيرت الاتجاه، وكأنها تخشى العثور على الدولة بالفعل. تخاف أن تتحمل مسؤولية "ما بعد النجاح"، فتعود أدراجها إلى مربعات الفشل المريحة.
ولكم هو مؤلم أن نراهن على شرعية لا تراهن على نفسها، تُضعف مؤسساتها بقراراتها، تُهادن المتربصين بها، وتتفاوض مع من يمزقها.
تذكيرا كل من في العالم يعرف من هو العدو، إلا الشرعية، تراه شريكا، ومنقذ أحيانا، أو "طرفا قابلا للحوار" كما تحب أن تصفه تقارير الأمم المتحدة. أما الأصدقاء، فهم متهمون بالمبالغة، أو بتجاوز الصلاحيات، أو بـ"عدم الفهم الدقيق للواقع اليمني".
والحق يقال أيُّ واقع هذا الذي تُديره شرعية بلا خيال، ولا قدرة على اتخاذ قرار استراتيجي؟ ما قيمة الشرعية التي لا تدافع عن مؤسساتها، ولا تجرؤ على توحيد جبهتها؟ لماذا تصبح وحدة البنك المركزي أو تفعيل القضاء أو تأمين العاصمة المؤقتة وكأنها مغامرات مستحيلة؟ بل لماذا تصبح القرارات الوطنية الشجاعة وكأنها مؤامرة شخصية يجب التحقيق فيها قبل تنفيذها؟
صدقوني فإنّ هذه الشرعية تشبه شخصا يسير في الصحراء حافيا، يحمل مظلة، لكنه يستخدمها لنبش الرمال بدلا من الاحتماء من الشمس. أي أنها تملك الأدوات، لكن لا تملك الإرادة. لديها الشرعية الدولية، لكنها تتصرف وكأنها تنظيم محلي هش، يحتاج إذنا لإصدار بيان صحفي.
وبينما يراهن الناس عليها كأمل أخير، تفاجئهم بأنها لا تملك سوى خيبات متتالية، ولجان متابعة، وتصريحات ناعمة تصلح لبرامج الأطفال. بل كلما طالبها الشعب بالموقف، أجابتهم بورش عمل. وكلما انتقدها المتضررون، ردت بخطاب مصالحة يشبه "رسالة حب إلى قاتل". وهكذا تستمر الرحلة العبثية.
بمعنى آخر أن شرعية كهذه لا تحتاج إلى أعداء. ذلك لأنها هي خصم نفسها، وعدو مشروعها، ولغز المرحلة. تُعيق جيشها بنفسها، وتُربك حلفاءها بإشارات متناقضة، وتُحيي خصومها من العدم بقرارات تُقرأ في طهران قبل أن تُطبع في عدن. كما تدعو إلى وحدة الصف، ثم تُكرم أصحاب الانقسامات. تتزعم دعم البنك المركزي، ثم تتعامل مع "بنكان" و"سعرين" و"اقتصادين"، وكأنها تدير مسلسل خيال سياسي لا علاقة له بالواقع.
ورغم كل هذا، ما زلنا ننتظر منها شيئا. لأننا، ببساطة، لا نملك غيرها. ليس حبا بها، بل لأن البدائل أكثر قبحا، وأكثر عدوانية. ومع ذلك، لا بد أن نقول: كفى عبثا. كفى نفاقا سياسيا باسم الواقعية. كفى استنزافا للحلم التحرري اليمني.
ثم إن الشرعية التي تعمل ضد نفسها، تستهين بشعبها، وتختزل المأساة اليمنية في حفلة مصالح ضيقة، لن تنتصر أبدا. وإن لم تصحُ الآن، فستُسقط نفسها دون حاجة لأي انقلاب.!!
*نقلا عن صفحة الكاتب على الفيسبوك
ذكريات على مدرج الطائرات
اليمن بين مواجهة الحوثيين للعالم واستجداء الشرعية العالم
الفرص لا تتكرر: على الحوثيين أن يقرأوا اللحظة جيدًا
من "الموت لأمريكا" إلى "نصرة غزة".. شعارات تساقطت ودماء سفكت
حولوا غزة إلى بورصة فخسروا أسهمهم
شرعيةٌ تعضُّ يدها: جمهورية العبث المُستدام