الأحد 6 يوليو 2025
الرئيسية - أخبار الخليج - "خُمس الهاشميين" يثير أزمة مجتمعية ويضرب أسس المواطنة المتساوية في اليمن
"خُمس الهاشميين" يثير أزمة مجتمعية ويضرب أسس المواطنة المتساوية في اليمن
الحوثيون يبدؤون في تطبيق الخمس في مناطق سيطرتهم
الساعة 08:23 صباحاً (بوابتي - خالد الحمادي)

أثار قرار ميليشيا الحوثي تخصيص "الخُمُس" من عائدات الزكاة والثروات الطبيعية في اليمن لـ"االهاشميين"، ضجة كبيرة وأزمة مجتمعية خطيرة إثر ضربها لأسس ومعايير المواطنة المتساوية في البلد، وتأسيس لـ"العنصرية" بشكل قانوني، والذي اعتبره البعض "انقلاباً" آخر للحوثيين على "الثروة"، يضاف إلى انقلابهم الأول على "لسلطة" في سبتمبر 2014.

"الحق الإلهي" في السلطة
ولم يحدث أي قرار حوثي أزمة سياسية مثلما أحدثه هذا القرار الذي لا يوازيه إلا قرار الانقلاب على السلطة، قبل قرابة ست سنوات، والذي خلق شرخاً عميقاً في المجتمع اليمني، إثر تمييزه بين أبناء الأسر الهاشمية، والمقصود بها أفراد عائلة زعيم ميليشيا الحوثي ومن يزعمون أنهم ينتسبون لأسرة النبي محمد، وبين بقية أفراد المجتمع، بدعوى أنهم يملكون "حق الاصطفاء" السلالي في الثروة و"الحق الإلهي" في السلطة، وهو ما ينكره أغلب المرجعيات الدينية والسياسية اليمنية، ويعتبرونه افتراء على الدين وأمر قد حسمته مؤسسات الدولة الحديثة.



وكان مثار انتقاد قرار ميليشيا الحوثي بهذا الشأن، كونه في الوقت الذي يشرعن فيه الحق في مصادرة 20% من ثروات البلد لصالح الأسر الهاشمية، يخلق الطبقية في المجتمع، بتقسيم المواطنين إلى "سادة" و"عبيد"، وكأن بقية المواطنين سيصبحون وفقاً لهذا القرار بمثابة العبيد الذين لا مهمة لهم في الحياة سوى خدمة طبقة الهاشميين، ومنحهم الخُمُس من عائدات عرق جبينهم وحقوقهم المكتسبة من ثروات البلد، بما فيها النفطية والمعادن وغيرها.

واستفز هذا القرار الكثير من السياسيين والباحثين، لدرجة أنهم أنكروا وجود سلالة هاشمية في اليمن، وأن من يدعون بأنهم ينتسبون لأسرة بني هاشم التي ينحدر منها الرسول محمد، ليس لهم علاقة بالأصول اليمنية، وإنما أصولهم تعود إلى الأصل الفارسي في إيران، الذي ينحدر منه مؤسس المذهب الزيدي الهادوي في اليمن يحيى بن الحسين الملقب بـ"الهادي"، وهو ما أسهم في تنامي صعود تيار قومي في أوساط المثقفين الشباب يطلقون على أنفسهم "الأقيال" و"العباهلة" كردة فعل على قرارات الحوثيين التمييزية والسلالية ووسيلة للحفاظ على الهوية اليمنية الأصيلة حسب زعمهم، والتي يطالبون فيها بتنقية المجتمع اليمني ممن يدعون الانتساب للهاشمية.

وأدان العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية المحسوبة على التيار الإسلامي في اليمن، وفي مقدمتهم حزب الإصلاح، الذي أصدر بياناً شديد اللهجة ضد هذا القرار الحوثي، واتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً، من قضية "الخُمُس" التي يدعي الحوثيون أحقيتهم بذلك، واعتبر "الإصلاح" هذا التوجه الحوثي شرعنة لمصادرة ثروات البلد وحقوق الشعب والطعن في مبدأ المواطنة المتساوية.

وثيقة عنصرية

وقال في بيانه إن قرار الحوثيين بشأن الخُمس يعد "وثيقة عنصرية تخالف مبادئ العدالة والمساواة في الإسلام وحقوق المواطنة"، موضحاً أن ما تتبناه ميليشيا الحوثي من "تقسيمات تفرز الشعب إلى يمنيين وهاشميين، من شأنه تدمير ما تبقى من وشائج النسيج الاجتماعي، ستكون هي أول المتضررين منه وكل من يتماهى معها أو يوافقها بالصمت، ولا حل لليمن ولهم أيضاً إلا في دولة المساواة في الحقوق والواجبات".

ودعا حزب الإصلاح مجلس النواب البرلمان اليمني إلى إصدار "قانون يجرّم التمييز العنصري والطبقي والسلالي"، ويكرس مبدأ الحقوق المتساوية لجميع المواطنين، كما طالب بإعادة صياغة مناهج التعليم بروح وطنية تهدف إلى تحرير عقول الأطفال وتحصينها من تأثير حقب الإمامة السوداء وتاريخها المظلم، التي يسير الحوثيون على منوالهم.

وشدد على "تجريم كل الدعوات والأصوات المريضة التي تنتقص من تاريخ اليمن وتجهر بالفخر والانتساب لغيرها، وتبحث بموجبه عن امتيازات أو تسعى لفرضها على اليمنيين".

إلى ذلك، أكد الباحث الزيدي محمد عزّان، وهو أحد مؤسسي تنظيم "الشباب المؤمن" في اليمن، الذي كان اللبنة الأولى لنشوء ميليشيا الحوثي، ثم غادرها بعد انحراف الميليشيا عن المسار الذي رسموه لتنظيمهم، أن كل الحيثيات التي اعتمد عليها الحوثيون في تشريع الخمس لأتباعهم لا أساس له دينياً وقانونياً، وقال إن مبرر "الخمس شُرع لهم مقابل الزكاة" مجرد تعليل اخترعه الحوثيون لأنفسهم، ولم يرد لا في كتاب الله ولا سنة نبيّه، "وليس له أي منطق في ميزان العدل، لأن جزءاً من الخمس – حسب قولهم – يصرف لأغنيائهم، وما بقي يصرف لفقرائهم.. بينما الزكاة للفقراء الناس جميعاً".

وأوضح عزّان: "كيف يمكن لعادل أن يخصص خمس ثروات البلاد لفئة تعدادها أقل من 1% بينما يجعل الزكاة، التي لا تساوي عُشر مِعشار الخُمس، من نصيب 99% من الناس؟! فاتقوا الله يا قوم، ولا تعبثوا بتشريعات ديننا وقوانين بلادنا. واخشوا غَضْبَة شعب مقهور".

وانتقد وزير الأوقاف والإرشاد اليمني الدكتور أحمد عطية، بشدة، هذا القرار الحوثي الذي يسعى إلى عمل تشريع لمنح الهاشميين الخمس من ثروات البلد، وقال إنه لا أصل لهذا التخصيص التمييزي أصل في الدين ولا في القانون ولا في العقل والمنطق.

إلى ذلك، أوضح وكيل وزارة الثقافة اليمني زايد جابر، في تصريحات إعلامية، أن هذا التوجه الحوثي كان سائداً على أرض الواقع عملياً بدون وجه حق، ولكنهم اليوم يريدون شرعنته قانوناً.

وقال: "إن ميليشيا الحوثي تمارس هذا الاستحواذ على الثروة منذ أن بدأت سيطرتها على العديد من المناطق، وتأخذ أكثر مما هو من الخمس، والآن بهذا القانون تشرعن ليس فقط لمصادرة أموال الناس وإنما أيضاً لترسيخ التقسيم الطبقي في المجتمع". 

وقال: "يعد هذا أول قانون في اليمن وفي العالم الإسلامي وربما في العالم أجمع؛ أن تأتي جماعة تقسّم المجتمع حسب العرق والسلالة، وأن تجعل من فئة ومن عرقية معينة لها الحق في خمس ثروات البلد بدون وجه حق".


آخر الأخبار