الجمعة 29 مارس 2024
الرئيسية - تقارير وحوارات - حارث الشوكاني في حوار هام: الشعب اليمني مهيأ لثورة إذا وجد قيادة تسنده
حارث الشوكاني في حوار هام: الشعب اليمني مهيأ لثورة إذا وجد قيادة تسنده
الساعة 12:37 صباحاً (نشوان نيوز )

قال السياسي والباحث في التاريخ اليمني حارث عبدالحميد الشوكاني إن الانتفاضات والأحداث المتلاحقة في اليمن تدل على حالة تذمر وسخط شعبي جراء ممارسات وجرائم الحوثيين وقال إن الشعب اليمني شعب مسلح، ومهيأ لثورة شعبية مسلحة لو وجد قيادة تسنده.

 



جاء ذلك في حوار صحفي مع مجلة “المنبر اليمني” يعيد نشوان نيوز نشر نصه، حيث تحدث الشوكاني عن مختلف المستجدات في البلاد، وقال إن ممارسات الحوثيين نفسها تحمل عوامل فنائها معها؛ لأنهم يمارسون الظلم والاستبداد على الشعب اليمني في أبشع صوره”.

 

وفيما يلي نص الحوار مع حارث الشوكاني حول أحدث المستجدات في اليمن:

 

“اليوم وبعد مرور 29 (عامًا من عمر الثورة السبتمبرية) تنبعث قوى الهدم التاريخية من جديد، تنبعث الإمامة بتلك النفسية وبتلك الخصائص وبتلك النزعة التي تغلّب الدم على القيم، وأواصر الطين على أواصر الدين في شكل أحزاب متعددة الوجوه موحدة الوجهة والهدف، وفي شكل نشاط علمي يكرس الفكر الإمامي، ويعمّق التعصب المذهبي” النص السابق كان مقالًا استشرافيًا كتبه ضيفنا الباحث الأستاذ حارث الشوكاني عام 1991م.

 

– واليوم نبدأ من آخر الأحداث أستاذ حارث من البيضاء.. وسبقتها مناطق ومحافظات كثيرة انتفضت ضد الغازي السلالي الخميني، على ما تدلُّ هذه الانتقاضات الشعبية المتتالية؟

* الانتفاضات الشعبية المتتالية -بما فيها ما يحصل في البيضاء اليوم- تدلُّ على حالة تذمر وسخط شعبي بسبب ممارسات وجرائم الحوثيين التي استحلت دماء اليمنيين، ونهبت أموالهم، وهدمت منازلهم، وأشاعت الفقر والجوع والمرض، فالشعب اليمني شعب مسلح، ومهيأ لثورة شعبية مسلحة لو وجد قيادة تسنده وتنسق بين مشائخه وقبائله.

 

– حذرتَ مبكرًا من الخطر الإمامي المرتبط بإيران.. قرأت لك مقالًا في ذلك نشر في عام 1993م..كيف أمكنك استشراف المستقبل وكأنه أمامك رأي العين؟

* حذرتُ مبكرًا من خطر الإمامة في عدة مقالات، منها مقال كتب في عام 1991م، أما كيف أمكنني استشراف المستقبل فلأنني درست الإمامة تاريخًا وفكرًا حتى سهل علي تقمص شخصياتهم، ومعرفة طريقة تفكيرهم وأساليبهم، وبالتالي اكتشاف خططهم قبل تمكنهم من تنفيذها، فحذَّرت من خطرهم قبل وقوعه؛ لأن إدراك المخاطر قبل وقوعها يُعِين على تجنبها، لكن النخبة السياسية الجمهورية انشغلت بالصراع فيما بينها، ولم تستفد من تلك الرؤية الاستشرافية، بسبب عدم إدراكها تاريخ الإمامة في اليمن كعامل هدم على مدار ألف ومائتي عام؛ لذلك عدّتها نوعًا من المبالغة والتهويل حتى وقع الفأس في الرأس.

 

– يحرص الحوثيون على تمجيد زعامات إيرانية، وفرض تبجيلها في واقع يصنعون رموزًا له بخطة إحلال طائفية، كيف يمكن مقاومة هذا التوجه؟

* يحرص الإماميون الحوثيون على تمجيد الزعامات الإيرانية؛ لأنهم قدموا إلى اليمن من طبرستان والديلم منتحلين النسب العلوي كذبًا وزورًا، وقد ورد في كتب الإماميين اعترافهم بأن الهادي قدِم إلى اليمن بجيش من طبرستان، فأين اختفى أولئك الطبريون؟! لقد انتحلوا النسب العلوي؛ ولذلك نجد أن علاقتهم بإيران علاقة دم ومصير مشترك، وطموح لإقامة الإمبراطورية الفارسية مجددًا، ومقاومة هذا التوجه يكون بقطع أذرع إيران في اليمن والبلاد العربية.

– ما العوامل الضامنة لتحقيق ذلك؟

* العوامل الضامنة للانتصار النهائي على الحوثيين تتمثل في:

أ _ ممارسات الحوثيين نفسها تحمل عوامل فنائها معها؛ لأنهم يمارسون الظلم والاستبداد على الشعب اليمني في أبشع صوره؛ احتكارًا للسلطة والثروة، وتقسيمًا طبقيًا بشعًا للمجتمع (سادة عبيد)، وإشاعةً للفقر والجهل والمرض، وإشعالًا للحروب الدائمة، واستحلالًا لدماء اليمنيين وأموالهم؛ فالدول تقوم بالعدل وتسقط بالظلم؛ سنة إلهية لا تتبدل.

ب_ إنشاء تكتل جمهوري يضم كافة القوى السياسية الجمهورية، من كل الأحزاب والمكونات اليمنية.

ج_ خطة لاستقطاب مشايخ القبائل مع قبائلهم الذين هم محلّ رهان الحوثيين.

د_ حسن الإعداد للقوة الضاربة من الجيش الوطني تدريبًا وتأهيلًا، وحسن اختيار القيادات العسكرية صاحبة التجربة في الحروب، والتخلّص من الأسماء الوهمية.

ه_ الحرص على العلاقة مع دول التحالف التي توفّر الدعم والمساندة؛ لأن أمن اليمن هو أمن السعودية، وأمن السعودية أمن اليمن.

 

– على الرغم من أن ميليشيا الحوثي منبوذة شعبيًا إلا أنها تمارس القمع والإرهاب على المجتمع، وتمارس الفساد المالي والإداري بدل كسب الناس وإصلاح أوضاعهم، بماذا تفسر ذلك؟

* الحوثيون ومن قبلهم الأئمة -في تعاملهم مع الشعب اليمني- يستخدمون سياسة الترهيب لا الترغيب؛ لأنهم لا يشعرون بالانتماء إلى الشعب اليمني، ولأن مطامعهم في السلطة والثروة لاحدود لها. إنهم باختصار عصابة وليسوا دولة، ومجموعة من القتلة واللصوص.

 

– إضافة لما تبذله السعودية وما تقدمه من دعم ومساندة لليمن عملت من خلال اتفاق الرياض على توحيد الجهود وردم الخلافات؛ لتتفرغ الحكومة لخدمة الشعب اليمني، ومواجهة الأخطار، كيف ينظر الشعب اليمني إلى الدور السعودي في اليمن؟

* السعودية دولة شقيقة تربطنا بها روابط العروبة والإسلام، وأمنها يرتبط بأمن اليمن، ولولا الدعم السعودي لما اتجهت بندقية ضد عدوان الحوثيين على الشعب اليمني، واتفاق الرياض مهمٌّ لرأب الصدع بين الشرعية والانتقالي؛ للتفرغ لما هو أهم، وهو تحرير اليمن من قبضة الحوثيين والنفوذ الإيراني، والشعب اليمني يدرك أهمية السعودية كحليف لإنقاذه من عودة الإمامة مجددًا، وعودة الفقر، والجوع، والمرض، والجهل، المصاحب للحكم الإمامي عبر ألف عام.

 

– يدعي الحوثيون أن تدخل التحالف عدوان عليهم، لماذا برأيك يلجأون إلى هذه الأساليب؟

* الإماميون الحوثيون على الدوام يسمّون الأشياء بغير أسمائها، ويرفعون شعارات مضللة، والحقيقة أن العدوان الحقيقي هو العدوان الحوثي الإيراني على الشعب اليمني، الذي استحلَّ دماءهم، ونهب أموالهم، وهدم منازلهم، وأشاع الفقر والجهل والمرض، وأشعل الحروب والفتن، أما السعودية فقد مدَّت يد العون إلى الشعب اليمني للخلاص من الحوثيين، ولحماية أمنها بتأسيس الجيش الوطني ومدّه بكل إمكانات الجيوش الحديثة.

 

– يستهدف الحوثيون هوية الشعب اليمني ببرامج مكثفة مدعومة بخبرات إيرانية ولبنانية، ما خطورة هذا الاستهداف على حاضر اليمن ومستقبله؟

 

* استهداف الحوثيين لهوية الشعب يشكِّل خطرًا على الطلاب وصغار السن بعد سيطرتهم على وزارة التربية والتعليم، والعبث بالمناهج الدراسية، أما بقية الشعب اليمني فقد اكتشف خطورة الحوثيين من خلال ممارساتهم الإجرامية في حقّه، وحصل عند الشعب اليمني وعي غير مسبوق بخطر الإمامة عليهم، وأهمية ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، وأهمية استعادة دولتهم ونظامهم الجمهوري للخلاص من هذه العصابة الإجرامية.

 

– هل يمكن أن يتحوّل الحوثي إلى حزب أو مكون سياسي؟

* لا يمكن أن يتحوَّل الحوثيون إلى تنظيم سياسي؛ لأن الحوثي وأتباعه من أبناء القبائل يمثّلون الجناح العسكري للتنظيم الإمامي، وهذا التنظيم الإمامي يخشى على أبناء القبائل إذا تحوّلوا إلى تنظيم سياسي أن يرتفع وعيهم بحقوقهم السياسية والاجتماعية فينقلبوا عليه. فالإمامة لا تعيش إلا في أجواء الجهل، أما التنظيم السياسي للإماميين فهو تنظيم سري خاص بأدعياء النسب الهاشمي، ولا يسمحون لأبناء القبائل الانخراط فيه، ويعدون أبناء القبائل خط الحماية للتنظيم العنصري الإمامي.

– لماذا يتعامل مجلس الأمن والأمم المتحدة مع الحوثي بأسلوب اللين، وربما الشرعنة لانقلابهم مع أنه هو من أصدر القرار 2216؟

 

* الأمم المتحدة أصدرت القرار 2216، وهو قرار لصالح الشرعية، لكن الشرعية لم تحسن توظيف هذا القرار لصالحها في المفاوضات، فالمفاوضات اليوم أصبحت علماً مستقلاً يُدرس، وأهم ما ينبغي القيام به أثناء التفاوض هو التمسك بالقضايا الرئيسية، وعدم الانخراط في مفاوضات جزئية، ولنأخذ العبرة من المفاوض الفلسطيني الذي قبل بمفاوضات جزئية تتعلق بالحكم الذاتي في الضفة والقطاع، وترك قضاياه الرئيسية للمفاوضات النهائية (إقامة الدولة، وعودة اللاجئين، والقدس.. إلخ)، وفي النهاية اكتشفت السلطة الفلسطينية عبر المباحثات الجزئية أنها تحوَّلت إلى قسم شرطة لحماية أمن إسرائيل.

 

ونحن في تعاملنا مع المبعوث الأممي كان ينبغي أن نقول له إن تمثيل الأمم المتحدة ومسؤوليتك تتمثل في تطبيق القرار (2216) فنتمسك به، ولا نحيد عنه وندخل في مباحثات جزئية كما حصل في مفاوضات الحديدة والجيش الوطني قاب قوسين أو أدني من تحريرها، فيما يعرف بمفاوضات ستوكهولم، فخسرنا الحديدة، وخسرنا قضايانا الرئيسية.

 

– تقييمك لدور مارتن جريفيت؟

* المبعوث الأممي تحوَّل من مبعوث أممي إلى مبعوث حوثي، يتدخل في اللحظة المناسبة لإنقاذ الحوثيين كما فعل في الحديدة، وقد كانت قاب قوسين أو أدنى عبر مباحثات ستوكهولم.

 

– ما الواجب على الشرعية في مواجهة المشروع الإيراني وإنهاء التمرد الحوثي؟

* الواجب على الشرعية أن تتخلَّص من عوامل الضعف التي تعاني منها التي تطيل أمد الصراع مع الحوثيين.

 

– كلمة توجهها للقوى والأحزاب السياسية كي تقوم بدورها الوطني وتترك خلافاتها التي لا يستفيد منها سوى الحوثي؟

* الكلمة التي أوجهها إلى الأحزاب والقوي السياسية هي ضرورة ترك الخلافات التي بينهم، والتي من خلالها عَبَر المشروع الإمامي الحوثي، وعليهم المسارعة إلى تشكيل تكتل جمهوري يضم كل القوى؛ مؤتمر، وإصلاح، واشتراكي، وناصري، وبعثي، وبقية القوى الوطنية.

 

– على الرغم مما يتعرّض له الإعلاميون المناهضون للمشروع السلالي من قتل وتشريد وقمع إلا أن التشتت والصراع البيني لا يزال يحتلُّ صدارة الخطاب الإعلامي … ما الأسباب وما الحل من وجهة نظرك؟

* الخلاف بين الإعلاميين هو انعكاس لتقصير قادة الأحزاب السياسية في مدّ كوادرهم بموجهات إعلامية تتناسب مع متطلبات المرحلة، كما أن اللوبي الإمامي داخل الشرعية والأحزاب يستغل هذا الفراغ، ويعمل على تأجيج الصراع بين الأحزاب الجمهورية فيما بينها، وبين الشرعية ودول التحالف من جهة أخرى.

 

– هل سيطول الصراع اليمني مع ميليشيا الحوثي؟

* طول الصراع وقصره مع الحوثيين مرهون بالشرعية، فالحوثي يستمدُّ قوته من ضعف الشرعية لا من قوته الذاتية، فالشعب اليمني يكره الحوثيين، وينتظر لحظة الخلاص، والقاعدة العقائدية المقاتلة مع الحوثيين قد أكلتها الحروب، فالحوثي ضعيف إذا قويت الشرعية، وهو قوي بضعف الشرعية.

 

– كلمة أخيرة تودُّ إيصالها عبر هذا الحوار؟

 

* كلمتي الأخيرة هي أن على الشرعية والقادة الجمهوريين استشعار أهمية المرحلة التاريخية التي نمرُّ بها؛ مرحلة الخلاص من الحكم الإمامي الحوثي الإيراني، واستعادة النظام الجمهوري وثورة السادس والعشرين من سبتمبر، فليتقوا الله، ويتركوا الصراعات البينية، والحسابات والمصالح الشخصية، ويرتقوا بأنفسهم إلى مستوى أهم معركة يخوضها الشعب اليمني في تاريخية المعاصر، والتاريخ لن يرحم كلَّ متهاون.

 

 


آخر الأخبار