الثلاثاء 23 ابريل 2024
الرئيسية - أخبار اليمن - طبيب يمني يتحدث عن تعامل السعودية دون تفرقة بين مواطنيها والمقيمين تحت عنوان "يوماً لن تُنسى مرارته"
طبيب يمني يتحدث عن تعامل السعودية دون تفرقة بين مواطنيها والمقيمين تحت عنوان "يوماً لن تُنسى مرارته"
الساعة 10:54 مساءً (د/ علي المسعدي)

في يوم الاربعاء ٢٠٢٠/٥/١٤م الموافق ٢١ رمضان ١٤٤١ زارنا مريض يعاني من صعوبة في التنفس و طلبت له اشعة للصدر و تم عمل اللازم ليتوجه بعدها لاخذ العلاج في غرفة الالتهابات التنفسية و اثناء ذلك تناقشنا كزملاء حول الحالة و خرجنا بقرار ابلاغ مسئولي الطب الوقائي بالقطاع الصحي بالمنطقة  كحالة اشتباه كورونا و تم عمل الازم و نتفاجىء في مساء اليوم التالي برسالة من مسئول الطب الوقائي بان الحالة كانت مصابة بفايرس كورونا كوفيد ١٩ المستجد و ان نتيجة الفحص ايجابية ،، كان الخبر كالصاعقة و عم الذعر و الخوف في المكان و بدأت الشكوك تراود الجميع دون استثناء .

 



في صباح يوم السبت ابلغنا احد الاخوة في القطاع الصحي بان يتوجه للفحص كل من تعامل مع الحالة و ان يلتزموا بالحجر حتى ظهور النتيجة 

 

توجه عدد من الزملاء المخالطين و تم عمل الفحص و ظهرت نتائج البعض منهم في اليوم التالي و تأخرت نتائج ثلاثة من الزملاء لتظهر في اليوم الثالث من الفحص على انهم مصابين و النتائج ايجابية و كان من بينهم مساعدتي في القسم و تم اخذهم الى الحجر في احد الفنادق القريبة.

 

لم نفق من الصدمة الاولى لتأتي الصدمة الثانية او الكارثة حسب تسمية الزملاء لها 

 

و في مساء يوم الثلاثاء ١٩ مايو ٢٠٢٠ توجه كل الطاقم و العاملين بالمجمع لعمل الفحص كوننا مخالطين لزملائنا ، توجهت انا للمستشفى المدني بخميس مشيط و استطعت ان اوثق لكم بعض مراجل و اجراءات الفحص و تم عمل اللازم و طلبوا مني البقاء في الحجر لديهم لكنني طلبت منهم ان يقبلوا ان ابقى في الحجر المنزلي ووافقوا و اخذوا مني اقرار بذلك و اخبروني انهم سيتواصلون معي بعد ٢٤ ساعه بخصوص نتيجة الفحص .

 

عدت الى منزلي والتزمت بالحجر و بعد انقضاء ٢٦ ساعه تواصلوا معي ان عينة الفحص مرفوضة من المختبر و يتطلب اخذ عينة اخرى ،،، صدمات ثلاث 

 

ذهبت حسب الموعد مساء الاربعاء و اخذوا عينة مرة ثانية و عدت الى الحجر حتى الساعة العاشرة مساء يوم الخميس ٢٨ رمضان تلقيت اتصال يفيد بان النتيجة سلبية و انني سليم و لله الحمد ،،، خرجت من غرفتي و ابلغت اولادي و زوجتي بذلك و سجدنا لله سجدة شكر 

 

من بداية المشكلة و انا استعرض صحيفة اعمالي و كانت الملفات المالية و الديون لها الصدارة حتى ان احدهم طلبت منه الحساب فارسل لي المتبقي عنده و من الخوف افتكرت المبلغ له فقمت بتحويل الرقم فورا لحسابه فارسل لي ان رصيدي لديه تضاعف 

 

كان كل خوفي ان رصيدي من الاعمال الصالحة لم يكن كافي للانتقال الى الاخرة و كنت حريص ان اختم القران في ما تبقى من الوقت

 

اعرف ايضا ان ارضاء البشر غاية لا تدرك لكن كنت حريص ان لا اموت وهناك مظلوم يدعو علي و ان القى الله بقلب سليم و ان ارحل بهدوء دون تكلف و ان لا تكون وفاتي سبب لتعثر عمل اي انسان 

 

و اثناء فترة الحجر كان اولادي الصغار يطلبون مني ان امنحهم فرصة لتقبيلي وكنت ارفض خوفا على صحتهم و كانت اخر توسلاتهم ان يجلسوا في الصالة و افتح لهم باب الغرفة لنرى بعضنا و فعلت ذلك و كانت المسافة ٤ امتار بيننا ، 

 

عسجد ابنتي الصغيرة هي الطفلة المدللة التي لا تلتزم باي قرار و لا تسمح لاي شخص اي يجلس بجانبي لكنها تفاجأت هذه المرة بقسوة المشهد و مساواتها باخوانها في البعد عني وعدم دخول غرفتي ليشرح لها اخوها محمد مدى الخطر و ان كورونا او (كولونا ) كما تسميه عسجد هو سيد الموقف و ان اوامره تمشي على الجميع بما فيهم انا 

 

رغم الحجر لكننا كنا حريصين على صلاة الجماعة فكنت اخرج بالكمامة لاكون الامام و مكاني في الصالة و هم خلفي بمسافة ٥ امتار على الاقل 

 

زوجتي هي الاخرى كانت تؤمن ان المصير واحد و ان الحجر غير مجدي  و ان نتيجة الفحص تنعكس على الجميع ، كنت اواسيها  على الواتس و اقول لها لا تخافين انتي تطبخين افطار صائم يوميا و بدعوة من احدهم سيكفينا الله شر هذا الوباء 

 

الجميل في الامر انها لاتوجد لدي اسرار لاقولها في هذا التوقيت لان الشفافية لدي عالية جدا طول حياتي و من حولي يعرفون ادق التفاصيل عني .

 

كنت على تواصل بكل جديد مع اخي محمد عبر الواتس فقط 

 

امي كانت في بيت اخي محمد و لم تكن تعلم بشيء مما حدث و بعد النتيجة اخبرتها بالقصة فكانت تارة تفرح و تارة تبكي ،،، لكن النتيجة كانت اول فرحة للعيد لتاتي الفرحة الثانية بان زملائي تم اعادة الفحص لهم و انهم سليمين و سيخرجون من الحجر يوم العيد و ذهبت اخرجتهم و وصلتهم الى منازلهم و بهذا كانت الفرحة الثانية قد ارتسمت و لم نلبث طويلا حتى جاءت القرارات المبشرة بالفرج و رفع الحظر التدريجي و كانت الفرجة الثالثة و تحول المشهد من صدمات ثلاث الى فرحات ثلاث ولله الحمد 

 

شكر خاص للاشقاء في المملكة ملكاً و حكومة و شعبا على التفاني في تقديم الرعاية الطبية دون تمييز بين مواطن او مقيم او مجهول 

 

شكر خاص لكل من تواصل و سأل و لكل من دعى لنا في ظهر الغيب 

 

نصيحة اخيرة لكل مصاب او مشتبه به تماسك ثم تماسك ثم تماسك فالخوف اشد خطراً  من المرض 

 

دمتم و الوطن و من تحبون بالف خير 

وصدق الذي قال ( العيد عيد العافية ).


آخر الأخبار