الإسلام، والقناعات المبنية على الاعلام
2015/08/24
الساعة 10:56 مساءً
إسلام حنفية
الفكرة البينية :وهي أن الكثير من غير المسلمين يفضلون دياناتهم على الدين الاسلامي لوجود قناعة داخلية أن ديانتهم أفضل من الإسلام في أغلب الأمور ومنها أساليب التعامل مع المرأة.
ومع أن هذا الأمر موجود أيضاً في كل مسلم، لكن ومن أجوبة غير المسلمين يظهر لك الفارق بين القناعات. فالمسلم قناعته بأفضلية الدين الاسلامي صادرة من مقارنته لكل الحقائق والمعلومات والتعاليم وغيرها التي وردت في القرآن الكريم، الذي هو دستور أي مسلم مع تلك التي وردت بالأديان الأخرى.
لكن كغير مسلمين، فان لاحظت، لا يعلمون ما في كتبهم الدينية والتي هي دستورهم! فجميع من أجاب على الأسئلة يتضح لك أنه لم يقرأ الإنجيل يوماً، رغم أن اغلبهم ـ بالتأكيد ـ من المسيحيين.
الفكرة الخفية
وهي المبنية على سؤال مهم يجب أن نطرحه، والسؤال هو: “كيف صارت لدى غير المسلمين القناعة بأفضلية أديانهم على الدين الإسلامي رغم أنهم لا يعرفون محتوى دستور الإسلام (القرآن) ولا يعرفون حتى محتوى دستور دياناتهم على اختلاف كتبهم الدينية؟”
الاعلام
بكل اختصار ودون كثرة كلام، الجواب الصحيح للسؤال السابق هو الاعلام، فالصورة المنقولة عن أي شيء هي السبب الرئيس ببناء القناعات، وحين يكون مصدر هذه الصورة ثقة للناس كالإعلام (بغض النظر عن عدم مصداقيته وحياديته) ففي هذه الحالة ستبنى لديهم قناعات مغلوطة مبنية على صورة مكذوبة، ولكن هل الإعلام الغربي هو الوحيد المسئول عن بناء مثل هذه القناعات لدى الغرب، أم أن الاعلام العربي شريك فيها؟
الاعلام الغربي
رغم جماليات الغرب الظاهرة، لكن لا أحد منا يستطيع إنكار الكم الهائل من الجرائم، بين قتل، اغتصاب، سرقة، أو غير ذلك، أضعاف مضاعفة لدى الغرب عنها عند المسلمين (بعيدا عن الحروب والنزاعات وما تسفره من قتلى لدى المسلمين).
لكن الغرب عند حدوث مثل هذه الجرائم أو أي حدث قد يشوه صورة الثقافة الغربية، يتم التعامل مع الموضوع (ورغم كثرته) بتغطية إعلامية “ديمقراطية” كأسلوب لحماية وتجميل الصورة التي طالما أقنعوا شعوبهم والعالم بجمالها، وبأن بلادهم وثقافتهم وأديانهم هي أساس السلام والأمن والأمان والعدل والحريات.
والعكس بالعكس، عند حدوث إنجاز ايجابي (بغض النظر عنه وعن ندرته وحتى سفاهته) يتم التعامل معه بالنشر والتضخيم، وتجده قد نشر حتى في الأوساط العربية والإسلامية، والسبب هو ذاته “تجميل الصورة ذاتها”.
وتجد أن الإعلام الغربي يعمل على تسليط أضوائه دائما على أخبار المشاهير من فنانين وأثرياء وحتى سياسيين، لكنه ينشر هذه الأخبار كأنها أمور شخصية لا تمثل مجتمعاً أو ثقافة أو دين، وفي ذات الوقت يعمل على جذب الناس وشغلهم به وإقناعهم بديمقراطية الإعلام لديهم، وهو أيضا ما يرمي للهدف ذاته “تجميل صورة ثقافة الغرب”.
الاعلام الإسلامي العربي
أما لدى المسلمين فراقب الصحف، القنوات ووكالات الأنباء، واستمتع وأنت تقرأ ما ينشر ويضخم، إن كانت أخبار “داعش”، أو تلك الاخبار التي تجذب القراء وتزيد الأرباح للإعلاميين، كـ “اب مسلم متزمت يترك ابنته تموت غرقا خوفا على شرفها من رجال الإنقاذ” ، “مسلم يضرب زوجته حتى الموت وهو سكران بعد صلاة العشاء”، “محجبة مسلمة تدير شبكة دعارة وتجارة أعضاء بشرية”، “ضبط جماعة إسلامية تحاول تفجير حضانة أطفال”.
وجميعها أخبار ـ أتحداك إن لم تكن ـ تترجم للإنجليزية وتنشر في الواشنطن بوست والنيويورك تايمز وغيرها لنقل الصورة المشوهة والمفبركة عن الإسلام.
ولكن ومع ذلك ـ والحمد لله فالمسلمين ـ ما زالوا يحافظون ويجتهدون لنشر الصورة الصحيحة والبيضاء عن الإسلام، فدائما ما نقرأ عن الدين الاسلامي الحقيقي وعن كل ما فيه من خير، منشوراً باللغة العربية الركيكة في صفحات الفيسبوك متبوعاً بـ”اعلم أن الشيطان منعك”.
فنقوم كمسلمين بإعادة نشرها ليراها مسلمون آخرون وبذات اللغة التي لا علم للغرب بها، وكل ذلك لنثبت أن الشيطان لم يمنعنا، وأننا لا نعير أي اهتمام لتهديدات وتحديات ذلك الحاخام اليهودي الجاحد اللعين!
وفي الغرب وبذات الوقت يقومون بإعادة نشر الخبر الذي ترجم لمائة وعشرين لغة عن الطفلة التي عمرها عشر سنوات وتزوجها مسلم إرهابي لعين غصباً في اليمن!
فتزداد قناعتنا بالإسلام درجة، وتقل قناعتهم به 10 درجات.
حراك إسلامي في الاتجاه الصحيح
نظراً لعدم صلاحية الإعلام الإسلامي قبل الغربي لإظهار الصورة الحقيقية للإسلام، فلا بد من ابتكار حل جديد للعب الدور الإعلامي الذي طالما أفسد صورة الإسلام.
لم لا يكون هناك حراك إسلامي على مستوى واسع، على أن يكون من نوع آخر، وفي الاتجاه الصحيح، معبراً عن تعاليم الإسلام السلمية والأخلاقية، وبعيداً عن ذاك الحراك الذي دائما ما يتوقعه الغرب من المسلمين وربطوه دائما ـ في قناعاتهم ـ بهمجية الإسلام والمسلمين، رغم أنه لا يمت للإسلام بصلة.
كلنا كمسلمين تعلمنا أن “مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ”، ولكن ليس أغلبنا قادراً على بناء حتى كوخٍ يعيش فيه! وفي كل الأحوال فعمارة المساجد ليست طريق الخير الوحيدة.
أغلبنا الآن يتحدث الإنجليزية وبطلاقة، وأغلبنا لديه معارف من غير المسلمين الأجانب، وفي كل يوم تزداد هذه المعارف، لم لا تجرب أن نقوم بحراك إسلامي سلمي، أن تخبر غير المسلمين عن الإسلام الحقيقي، عن قوانينه، عن احترامه للإنسان وتقديره للمرأة والعلم .. إلخ.
لست أقول لك هنا أن تدعوهم للإسلام، ولكن يكفي أن تصحح قناعاتهم ضد الإسلام، وتحسين صورة الإسلام والمسلمين في العالم وأن تكشف لغير المسلمين التضليل الإعلامي ضد حقيقة الإسلام والمسلمين.