آخر الأخبار


الاثنين 23 يونيو 2025
إلى متى نظل نكرر ذات اللغة الميتة: “هناك انتهاك للسيادة”؟ هذا التكرار يكشف عن عجز مرعب في فهم طبيعة المجتمع الدولي، بنيته وآليات عمله، حيث تُعد الهيمنة القانونية من أخطر أدوات فرض السياسات وتفسير القانون من قبل الأقوياء. باختصار، لا نزال نعيش في عصر الاستعمار، عصر القوة، حيث لم تعد الأخلاق تحكم العلاقات الدولية. للأسف، هناك دول نشأت باتفاقيات مع المستعمر، حددت لها حدودها ووظيفتها وبقاءها، لذلك يصبح الحديث عن السيادة نوعًا من العبث.
لقد وضعت أوروبا مفهوم السيادة ضمن مخرجات اتفاقية ويستفاليا، كآلية لوقف الحروب الأوروبية الداخلية، وضمان عدم الاعتداء واحترام سيادة الدول داخل القارة. وبهذا، توجهت القوى الأوروبية نحو الخارج للاستعمار والنهب والاستعباد. أرست الاتفاقية عرفًا أوروبياً يرى في نفسه الأحق بالرخاء والأمن، بينما من هم خارج أوروبا أقل بشرية واستحقاقًا، ويجب أن يُداروا بالوصاية – فلسفيًا، اقتصاديًا، وتجارياً.
مصطلح السيادة في الخطاب الدولي، الذي يفترض أن يشكل مرجعية قانونية عليا، تم تفريغه تدريجيا من مضمونه، لا سيما في الشرق الأوسط، و بات واجهة شكلية ضمن نظام دولي تحكمه القوة لا القانون. من الغزو الأمريكي للعراق، إلى تغوّل إسرائيل وسعيها لإعادة تشكيل المنطقة، إلى التمدد الإيراني عبر المليشيات، أصبحت السيادة ساحة صراع مفتوحة تعبث بها القوى الكبرى والإقليمية دون رادع.
توسعت أدوات انتهاك السيادة لتشمل، إلى جانب الجيوش، المليشيات، والوكلاء، والشبكات المسلحة الخارجة عن القانون والمدعومة من دول ومؤسسات دولية، إضافة إلى العولمة بامتداداتها القانونية والسياسية والاقتصادية والإنسانية، والفضاء الرقمي الذي تجاوز الدولة وتحول إلى مجال فوق وطني. وكلها أدوات لم نشارك في صناعتها أو في وضع قوانينها.
في هذا السياق، ادعو الي عصف ذهني وحراك قانوني من الخبراء والمختصين الي اعلاء الصوت ، والتفكير بصوت عالي ، وبمضامين مختلفة للكثير من مصطلحات القانون الدولي بما تلبي الواقع وتشكل رادع للعبث الحاصل ، والا سيكون الحديث عن السيادة بالصيغة القانونية التقليدية أقرب إلى حالة من الإنكار المتواطئ، ما لم يُقرن بإعادة تعريف فعّال يتصدى لهذا التحدي المركّب، ويُسهم في تأسيس منظومة قانونية جديدة تردع انتهاك السيادة، سواء أتى بصاروخ، أو بعملة، أو بمليشيا.
مفاعل إيران الحوثي!
مناورة إيران النووية!
هل نقف ضد إيران؟!