آخر الأخبار


الأحد 20 ابريل 2025
في ظل ما بات يعرف بظاهرة "خلع الحجاب" التي تزايدت في الآونة الأخيرة، خاصة عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي توفر مزايا الوصول لجمهور عريض، ووسط مشاعر تجمع بين الإحباط والشفقة والغضب، انطلقت حملة على "فيسبوك" لتحدي هذا الواقع، تحت وسم "تحدي الحجاب".
لكن "تحدي الحجاب" ليس مجرد "ردة فعل عاطفية" ساخطة على ظاهرة خلع الحجاب، بل مبادرة "إيجابية" لتسليط الضوء على الضغوط التي تتعرض لها الفتاة المسلمة المحجبة، سواء في مجتمعاتها التقليدية أو في المجتمعات الغربية حيث تقيم؛ بسبب حجابها، وهو ما يعد أحد العوامل المسؤولة عن ظاهرة خلع الحجاب، بحسب مطلِقَة التحدي، الناشطة السورية، شيماء دلعو.
شيماء، البالغة من العمر 26 عاماً، صيدلانية وناشطة اجتماعية، وهي أيضاً مديرة مشروع "حبات الرمان" في جمعية محبي دمشق الناشطة في ريف العاصمة السورية، وتحديداً في الغوطة. ويختص المشروع بكفالة شاملة للأيتام في المنطقة، ويركز على توفير التعليم لهم.
وأطلقت شيماء حملة "تحدي الحجاب" من صفحتها على "فيسبوك"، من خلال مقطع مصور، شرحت فيه أسباب انطلاق الحملة، ودعت المحجبات لعدم الخضوع لضغوط المجتمع، والتعبير عن تمسكهن باختيارهن، متحديات كل الضغوط، ومررت التحدي إلى 3 من صديقاتها، اللواتي بدورهن سجلن مقاطع مصورة مماثلة، وفي أيام قليلة انتشر وسم #تحدي_الحجاب عبر فيسبوك، لتشارك فيه عشرات الفتيات من عدة دول عربية، في حين تفاعل الآلاف معه، بين مؤيد، وهو الغالبية، ومعارض وهم قلة.
- مفاجأة
لكن المفاجأة أن إدارة "فيسبوك" عطلت حساب شيماء دلعو، واسمه "Shaima Muslimg"، الذي أطلقت منه التحدي في 15 يناير/ كانون الثاني الجاري، وذلك بعد أيام من إطلاق الحملة، ما أثار تساؤلات حول تحيز بـ"فيسبوك" إلى درجة معاقبة ناشطة أطلقت حملة حرصت أن تتجنب كل أنواع الإساءة لأي طرف، وتوخت التحرك الإيجابي، بدلاً من الاستسلام لردات الفعل العاطفية السطحية؟ وما هو الدافع الرئيسي للحملة؟ وما هي الرسائل التي أرادت مطلقة "تحدي الحجاب" والمشاركات فيه إيصالها للجمهور؟
تقول شيماء، وهي فتاة منقبة، لـ"الخليج أونلاين": إن الدافع العام وراء إطلاق "تحدي الحجاب" هو "الرغبة بالإصلاح"، وشرحت ذلك بالقول: "إصلاح الأثر السلبي الناجم عن ظهور فئة الداعيات لخلع الحجاب، واختفاء فئة المحجبات عن قناعة ذاتية، بحجة أن الشرع لا يسمح لهن بالظهور".
وأضافت: "هدف التحدي إصلاح ردة الفعل تجاه الفتيات اللواتي يخلعن الحجاب؛ لأن ردة الفعل الحالية سيئة، وتزيد الطين بلة، وليست ما أمرنا به الدين".
وكانت حادثة خلع الحجاب من قبل الناشطة السورية المقيمة في السويد، جود عقاد، خلال بث مباشر من صفحتها على فيسبوك، حيث يتابعها عشرات الآلاف، السبب الملهم- كما تقول شيماء- لإطلاق حملة "تحدي الحجاب"، فعقاد ذكرت أن خلعها للحجاب جاء نتيجة ضغوط، وفضلت شيماء الرد على مثل هذا التصرف بمبادرة إيجابية تعزز موقف المحجبة من نفسها وقناعاتها مهما كانت الضغوط، في سلوك "يتضامن" مع عقاد بوصفها "ضحية"، بدلاً من التشهير والطعن بها.
- نجاح
وحول سبب تعطيل فيسبوك حسابها الشخصي بعد إطلاق التحدي بأيام، أكدت دلعو أن حسابها تعرض لضغط وإقبال كبير من المتابعين، وهم بالآلاف، نتيجة إطلاق التحدي من هذا الحساب، "وهذا دليل نجاح التحدي وانتشاره والحمد لله".
وأضافت لـ"الخليج أونلاين": "توقعت أن تتخذ إدارة فيسبوك إجراءً معيناً. ما حدث ببساطة أنه طلب مني القيام ببعض إجراءات التحقق الاعتيادية، وعندما أنهيتها طلب مني تأكيد الهوية، وقمت بالفعل بإرسال صورة عن هويتي الشخصية على الفور، لكن الحساب بقي معطلاً حتى اللحظة، ما اضطرني إلى فتح حساب جديد احتياطاً".
وترفض الناشطة السورية المنقبة وضع عملية تعطيل حسابها على "فيسبوك" في إطار "نظرية المؤامرة"، وتقول: "أرفض التفكير بنظرية المؤامرة إجمالاً. نحن لم نشن حرباً على أحد، ولا أحب التفكير بأن أحداً ما يحاربنا".
لكن دلعو لا تخفي شعورها بالإحباط نتيجة تعطيل الحساب؛ "إذ جاءت في وقت دقيق وغير مناسب إطلاقاً، واستمر غيابي أسبوعاً كاملاً في ذروة الحملة"، لكنها أكدت أن "التحدي ظل مستمراً على كل حال، وهذا ما خفف عني، فتحدي الحجاب ليس تحدياً شخصياً، وإنما هو تحد شاركت فيه فتيات من عدة مجتمعات مؤمنات بقضيتهن".
وحول أكثر ما أثر فيها من ردات فعل المتفاعلين مع الحملة، قالت شيماء: "فوجئت بعدد من فتيات غير محجبات دعمن موقفنا بقوة، وهذا إن دل فيدل على أن رسالتنا وصلت بشكل صحيح ومن دون عداء لأحد، وتمكنا من توضيح وجهة نظرنا بشكل كامل".
- هم الحجاب
لكن "هم الحجاب" لدى شيماء دلعو لم يبدأ مع حادثة عقاد، بل كان أسبق من ذلك بكثير، فشيماء نشرت في "الخليج أونلاين"، تحديداً قبل عام، مقالة مطولة بعنوان "فخ الحجاب"، أسهبت فيها بشرح موقفها من هذه القضية الشائكة، وتناقض المواقف منها، وحاولت أن تضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بفلسفة الحجاب، والحكمة الدينية من فرضه على المرأة في الإسلام، بعيداً عن المواقف النمطية والأفكار التقليدية.
فخ الحجاب
وحول هذه النقطة بالتحديد، اعتبرت شيماء أن مقالتها هذه تمثل "أبلغ رد على أولئك الذين اعترضوا على الحملة بدافع نظرتهم التقليدية حول ظهور المرأة. هؤلاء قالوا لنا إن هناك مئة طريقة أخرى يمكن لكُنَّ التأثير من خلالها، بعيداً عن المقاطع المصورة".
مقالة فخ الحجاب التي مضى على نشرها سنة تقريباً دليل على أننا لم نبدأ بالفيديو مباشرة، ولكن السؤال: هل سمعتم بالمقال؟ وهل كان بقوة حملة "تحدي الحجاب".
وحول الرسالة التي أرادت منذ البداية بثها عبر تحدي الحجاب، كشفت شيماء دلعو، لـ"الخليج أونلاين" عن "عدة رسائل للحملة"؛ منها "أنني ومثلي كثيرات موجودات في هذا المجتمع، وها نحن ظهرنا، ومنها أنه رغم الضغوط الممارسة على المحجبة ثمة سبيل للثبات في وجه الضغوط".
وتابعت: "رسالتي أيضاً أنَّ أصْلَ التمسك بالحجاب هو طاعة ومحبة لله، وليس من أجل المجتمع إطلاقاً ولا من أجل الرجل، ومهما كان موقفك سيدتي من الحجاب نحن هنا، لك حريتك ولنا حريتنا، وسوف ندافع عن حرية الجميع".
تعز ، سنة عاشرة مقاومة
الأسئلة السبعة
عشر سنوات من مقاومة مليشيا الضلال
لنجعل العاصمة سقطرى: لا صنعاء ولا عدن
تغيرات ترامب والحوثي … هل هو النزال الأخير؟