المراوغة الحوثية تسببت في تأجيل المفاوضات اليمنية مراراً؛ بدءاً من مفاوضات جنيف مروراً بالرياض، حتى انتهى بها المطاف، الاثنين، في الكويت، التي أعلنت استضافتها محادثات السلام بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي، أملاً في الوصول لحل سلمي يوقف نزيف دم الشعب اليمني.
المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أعلن، الاثنين، أنه "طرأ تأخير على موعد انطلاق مشاورات السلام اليمنية-اليمنية، التي كان مقرراً أن تبدأ اليوم الاثنين في الكويت؛ نظراً لبعض المستجدات التي حصلت في الساعات الأخيرة".
عدم حضور وفد الحوثي وصالح إلى الكويت كان السبب الواضح وراء تصريح المبعوث الأممي، حيث قال، في بيان صحفي وزعه مكتبه الإعلامي: "نحن نعمل على تخطي تحديات الساعات الأخيرة، ونطلب من الوفود إظهار حسن النية والحضور إلى طاولة الحوار من أجل التوصل لحل سلمي"، لافتاً إلى أن "الساعات القليلة المقبلة حاسمة، وعلى الأطراف تحمل مسؤولياتهم الوطنية، والعمل على حلول توافقية وشاملة".
بيان ولد الشيخ سبقه تصريح لمصدر بجماعة الحوثيين، قال فيه: "إن وفد جماعته ما زال في صنعاء، وأنه لم يغادر إلى الكويت".
المراوغة الحوثية تم رصدها مراراً، ففي يناير/كانون الثاني 2016، أعلن ولد الشيخ فشله في تحقيق أي تقدم مع الحوثيين خلال زيارته التي استمرت أربعة أيام للعاصمة اليمنية صنعاء، كما رفض تحديد أي موعد لاستئناف مفاوضات السلام بين طرفي النزاع بسبب تخوفات من عدم التزام الحوثيين.
مراقبون أشاروا إلى أن "نهج المراوغة" الحوثي دفع المفاوضات اليمنية نحو التعطيل عدة مرات، ويعود إلى محاولات عبثية ينتهجها الحوثيون بهدف تعطيل المسار السلمي لحل الأزمة؛ ما يدفع الأزمة اليمنية نحو التصعيد.
الجدية المزعومة التي يدعيها الحوثيون يتبدى زيفها كل حين، حيث لم يتوقفوا يوماً عن إجرامهم وانتهاكاتهم بحق الشعب اليمني، وخرق الهدن التي تتزامن مع جولات المفاوضات، بل إن الأمر طال التأخير في الحضور للمفاوضات أو إلغاء الحضور ذاته تحت ذرائع واهية؛ ممّا يدل على عدم رغبة في حل الأزمة، واللعب على كسب الوقت وتحين الفرص لتحقيق مكاسب آنية ذاتية على حساب المصالحة الوطنية الجامعة.
المعطيات الصادرة من تصرفات جماعة الحوثي ومماطلتهم في الالتزام بما اجتمعوا عليه مع الحكومة الشرعية، بإشراف الأمم المتحدة، لا توحي بقرب التوصل لحل الأزمة، في ظل مراوغة سياسية متكررة، وأملاً في تحقيق مكاسب أكثر تمكنهم من إحكام قبضتهم على السلطة بالبلاد.
وفي المقابل، تبذل الحكومة الشرعية قصارى جهدها في محاولة لوضع حد للأزمة، عبر لقاءات مستمرة مع المبعوث الأممي، وصولاً للالتزام بمخرجات الحوار الوطني، وتنفيذاً لبنود المبادرة الخليجية.
الأطماع الحوثية، بحسب ما ذكره المراقبون، لا تزال مدعومة بقوة بالمشروع الإيراني في المنطقة الخليجية؛ ممّا يدفعهم إلى المماطلة، ومن ثم، فإنه ينبغي إعادة النظر في المفاوضات برمتها، ومدى جدية الطرف الحوثي، بعدما ثبت استغلالهم للمواقف، وسعيهم لتحقيق مكاسب ذاتية، واللعب على محاولة السيطرة على أراض جديدة بما يمكنهم من المساومة عليها أثناء المفاوضات إن تمت.
ويعمد الحوثيون إلى تفريغ المفاوضات من جدواها، والعمل على إضاعة الوقت في محاولة لتعميق الأزمة اليمنية؛ ممّا يدل على أنهم يتحركون بتوجيهات إيرانية، بدليل أنهم لم يبذلوا أي جهد في تحقيق تقدم بالمفاوضات منذ أن بدأت، في حين أن الطرف الآخر قدم ويقدم الكثير حرصاً منه على الحل السلمي، وفق ما أكده ولد الشيخ حيث تقدم بالشكر لوفد الحكومة الشرعية اليمنية، الثلاثاء، لالتزامهم بموعد المباحثات ووصولهم في الوقت المحدد، متمنياً من ممثلي الحوثيين و"المؤتمر الشعبي العام"، ألّا يضيّعوا الفرصة التي قد تجنب اليمن خسارة مزيد من الأرواح، ومن المفترض أن تضع حلاً لدوامة العنف في البلاد، وفق بيانه.
وبرغم أن ولد الشيخ أكد مراراً حصوله على ضمانات قوية من أطراف النزاع، مثل التزامهم التام بدعم جولة محادثات الكويت، إلا أن النتيجة الحالية أثبتت عكس ذلك، على الأقل على الضفة المقابلة لضفة الشرعية.
لمتابعة أخبار “بوابتي” أول باول إشترك عبر قناة بوابتي تليجرام اضغط ( هنــــا )