إلا أن اعتقال المرشد العام للإخوان المسلمين في 20 أغسطس/ آب 2013 وما تلاه من اعتقال قيادات في مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام، مثّل بداية حقيقة لبوادر أزمة داخل الإخوان، إذ تم تشكيل لجنة لإدارة الأمور داخل مصر تحت اسم "اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان المسلمين" وباشرت عملها على مدار ما يزيد على العامين، رأى القائمون عليها أنهم يمثلون الإدارة الشرعية لجماعة الإخوان في الوقت الحالي، وفي نفس الوقت ظل بعض من أعضاء مكتب الإرشاد خارج مصر أو داخل مصر وخارج المعتقلات يرون لأنفسهم الحق في التحكم بأمور الجماعة، حتى تفجرت الأزمة داخل الإخوان بين طرفين.
أساس الخلاف
الظاهر من النقاشات والجدالات بين الفريقين أن الخلاف بين الفريقين حول أمرين أساسيين، أولا طريقة مواجهة الانقلاب، وثانيا طرق اتخاذ القرار وإنفاذها داخل قنوات الجماعة ومؤسساتها.
تفجر الأزمة
ظلت "اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان المسلمين" تباشر مهامها حتى طفت على السطح خلافات مع من تبقى خارج المعتقلات أو خارج البلاد من قيادات الإخوان، حيث قام الدكتور محمود حسين في مايو/أيار 2015 بإصدار بيان قال فيه إن "نائب المرشد" يقصد الدكتور محمود عزت هو من يقوم بمهام المرشد وفقا للائحة الجماعة، وأكد حسين أنه لا يزال الأمين العام للجماعة على الرغم من وجوده خارج مصر منذ يونيو/حزيران 2013.
بيان حسين قوبل ببيان من محمد منتصر المتحدث باسم جماعة الإخوان والمعين من اللجنة الإدارية، قال فيه إن الجماعة أجرت انتخابات داخلية وقامت بانتخاب لجنة لإدارة الأزمة، وكانت نتيجة هذه الانتخابات استمرار محمد بديع في منصب المرشد العام للجماعة، وتعيين رئيس للجنة إدارة الأزمة داخل مصر، وأكد أنه تم انتخاب أمين عام جديد لجماعة الإخوان بدلا من الدكتور محمود حسين، كما قامت الجماعة بانتخاب مكتب إداري لإدارة شؤون الإخوان في الخارج".
اشتعال الأزمة
اشتعلت الأزمة عقب حوار للدكتور محمود حسين على قناة "الجزيرة مباشر" وأكد فيه أنه لا يزال الأمين العام وبعدها قال بيان صادر عن مكتب الإخوان المسلمين في لندن إنه تمت إقالة المتحدث باسم الجماعة محمد منتصر، وتكليف طلعت فهمي المقيم خارج مصر بدلا منه.
ولم تمض ساعات قليلة على القرار، حتى صدر بيان من اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان أكد أن "محمد منتصر ما يزال متحدثًا إعلاميًا باسم الجماعة، وأن إدارة الجماعة تتم من الداخل وليس من الخارج".
أصدرت المكاتب الإدارية للجماعة في عدد من المحافظات المصرية دخلت على خط الأزمة حيث أصدرت بيانات أكدت على أن مكتب لندن مكتب إعلامي بالأساس ولا يحق له اتخاذ قرارات إدارية تخص الجماعة في مصر، بل إن مكتب الإخوان بالإسكندرية قام بوقف عضوية طلعت فهمي، وإحالته إلى التحقيق "لمخالفته اللوائح المنظمة للعمل داخل الجماعة".
تاريخ الانشقاقات داخل الإخوان
عرفت جماعة الإخوان المسلمين الانشقاقات منذ عهد المؤسس حسن البنا ولم تتوقف هذه الانشقاقات حتى الآن.
"شباب محمد"
الانشقاق الأول كان في عام 1940 حيث انشقت مجموعة من الإخوان تحت اسم حركة "شباب محمد" وكان على رأسهم المحامي محمد عطية خميس
"الإخوان المجاهدون الأحرار"
في عام 1947 انشق الأستاذ أحمد السكري وكيل إمام الإخوان المسلمين وأسس جمعية "الإخوان المجاهدون الأحرار"
"التنظيم الخاص"
بعد اغتيال حسن البنا وتولي المستشار حسن الهضيبي مسؤولية الإرشاد داخل الجماعة وقع صدام عنيف بينه وبين عبد الرحمن السندي مسؤول التنظيم الخاص؛ إذ قرر الهضيبي إعادة تشكيل التنظيم الخاص وتعيين بديلا للسندي، وانتهي الأمر بفصل السندي من الجماعة.
"حزب الوسط"
وفي عام 1996 وفي فترة تولى مصطفى مشهور المرشد العام للإخوان، تقدم أبو العلا ماضي عضو مجلس شورى الجماعة، بطلبٍ للجنة شؤون الأحزاب لإنشاء "حزب الوسط"، ورجعت الجماعة ورفضت الفكرة وحاولت إثناء ماضي عن الفكرة، إلا أنه رفض ذلك واستقال هو وعدد من أعضاء الجماعة ليؤسسوا "حزب الوسط".
"عبد المنعم أبو الفتوح"
وبعد ثورة 25 يناير 2011 وفي فترة المرشد محمد بديع قرر مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين فصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من عضوية الجماعة، لترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية وعدم التزامه بقرارات الجماعة في ذلك، وبعدها قامت الجماعة بترشيح المهندس خيرت الشاطر، ثم الدكتور محمد مرسي.
مستقبل الأزمة داخل الإخوان
يرى مراقبون ومتخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية أن ما تشهده جماعة الإخوان المسلمين من خلافات تنظيمية أخطر من كل الخلافات السابقة، إذ إن الخلافات هذه المرة ليست شخصية ولا حتى على أساس جغرافي، وإنما الخلافات تمس الفكر الأيديولوجي للإخوان المسلمين.
كما أن البيئة في الوقت الحالي ووجود وسائل التواصل الاجتماعي أكسب افراد التنظيم قدارا من التعبير عن آرائهم والتأثير على غيرهم من الأفراد، ما وسع من ساحة النقاش والاختلاف.
ويرى الكثير من المتخصصين أن الأزمة الحالية ربما تسفر عن أحد الاحتمالات التالية:
1- نجاح الوساطة في تسوية الخلافات بين الطرفين
2- ولادة نسخة إخوانية جديدة
3- انشطار الجماعة إلى جماعتين أو عدة جماعات
4- البقاء لفترة أطول من الصراع " اللاحسم اللاصراع"