يشكل التحدي الأمني في مدينة عدن والمدن المحررة أحد أهم الملفات الشائكة والمؤثرة على القرار السياسي اليمني ودول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
ولعل إسراع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتعيين محافظ جديد لمدينة عدن وهو العميد عيدروس الزبيدي، وذلك بعد يوم من اغتيال المحافظ السابق جعفر محمد سعد، في تفجير سيارة مفخخة استهدفت موكبه صباح الأحد الماضي، يعكس مخاوف السلطات الشرعية من أي فراغ يؤثر سلباً على الوضع الأمني المتدهور سلفاً.
وفي حين لم يتهم وزير الداخلية اليمني اللواء حسين عرب، أي جهة بالوقوف خلف اغتيال محافظ عدن، مكتفياً بوصفها في تصريح صحفي بـ"قوى تسعى إلى إعادة عقارب الساعة للخلف"، لكن مدير أمن محافظة عدن المقال العميد محمد مساعد اتهم الرئيس المخلوع والحوثيين بالوقوف وراء الحادث، مشيراً بأن المعركة ما تزال مستمرة مع الحوثي والمخلوع صالح، وأضاف مساعد: "أطلقوا عليهم القاعدة أو داعش لكننا متأكدون أنهم فلول الحوثي وصالح ولن يستطيعوا التمويه بتعدد المسميات".
ومع اقتراب موعد مباحثات مؤتمر "جنيف 2" وتزايد الضغوط الدولية على الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع صالح لوقف الحرب قبل المباحثات، تبرز ورقة (الإرهاب) كأهم ورقة ضغط يستثمرها الانقلابيون للتنصل من تطبيق القرار الأممي (2216) والذي تضمن سحب مليشياتهم من المدن وتسليم السلاح للحكومة الشرعية.
- مخاوف وضغط شعبي
ويلفت رئيس مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية، باسم الشعبي، إلى سرعة تعيين محافظ جديد لمدينة عدن، مشيراً إلى احتمالية خشية الرئيس هادي من الفراغ في السلطة المحلية واستجابة لضغط شعبي طالب بإجراءات سريعة بعد اغتيال المحافظ السابق.
ويضيف الشعبي في حديثه لـ "الخليج أونلاين" بأن تعيين مدير جديد لأمن المحافظة سيشكل رديفاً لأداء المحافظ، لا سيما وأن الملف الأمني يشكل أكبر التحديات، وتضع جهود أي سلطة على المحك واختبار صعب، في الظرف المعقد الذي تمر به عدن واليمن بشكل عام.
- عوامل داخلية وخارجية
من جهته، يشير الكاتب والمحلل السياسي اليمني فؤاد مسعد إلى عوامل داخلية وخارجية تجعل من نجاح المحافظ الجديد أمراً ضرورياً، لا سيما بعد اغتيال سلفه الراحل جعفر محمد سعد، لافتاً في تصريح لـ "الخليج أونلاين"، إلى قبول الأوساط الشعبية له ومكانته في الحراك الجنوبي ودوره في المقاومة، قد تشكل عوامل مساعدة إلى حدٍ ما.
لكن التحدي الأبرز بحسب مسعد يبقى في فرض الأمن والاستقرار في المدينة وهو ما تدرك خطورته الحكومة الشرعية، والتحالف لا يقل إدراكاً عنها، وهو ما يعني أنهم سيعملون على استتباب الأمن مهما كانت التحديات.
- مكافحة الإرهاب على طاولة المفاوضات
ويرى مسعد أن أمن مدينة عدن قد يطرح في الوقت الراهن كمسألة رئيسية في المفاوضات المرتقبة، لافتاً بأن طرف (الحوثيين والمخلوع) سيعملون على توظيف أي اختلال أمني لصالحهم، وبما يتوافق مع مزاعمهم عن محاربة الإرهاب والدواعش.
ويطالب مسعد أن تكون حازمة في هذه الملفات، لأن أي قصور في معالجتها يؤثر سلباً في موقفها التفاوضي، ويقدمها في هيئة العاجز الذي لا يقوى على القيام بأي عمل من الأعمال الموكلة إليه، وهو ما يتيح للخصوم استثمار ذلك ومنازعة السلطات الشرعية من خلال تقديم أنفسهم كسلطة قادرة على حماية نفسها.