خلص علماء مختصون إلى ضرورة قيام الإنسان بـ"تنظيف دماغه" بانتظام لتجنّب الإصابة بأمراض مثل الخرف والزهايمر، حيث تمكن الباحثون من تحديد الطريقة الفعّالة للقيام بذلك، وهي الحصول على نوم عميق وكافٍ.
وبحسب تقرير نشره موقع "هيلث دايجست" المتخصص في الشؤون الطبية والصحية، فإن تراكم السموم في الدماغ يحدث نتيجة لقلة النوم، ما يؤدي إلى تعطيل عملية التنظيف الطبيعية التي يقوم بها الدماغ أثناء الليل. وبالتالي، فإن النوم الجيد هو الوسيلة المثلى للحفاظ على صحة الدماغ ونشاطه.
ويشير التقرير إلى أن نقص النوم لا يسبب فقط ضعف التركيز وفقدان الحافز للقيام بالأنشطة اليومية، بل يؤثر أيضاً سلباً في الجهاز المناعي، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا.
وفي دراسة أجريت عام 2021، تمت متابعة نحو 8000 شخص على مدى 25 عاماً، بدءاً من منتصف أعمارهم. وخلصت النتائج إلى أن الأشخاص الذين كانوا ينامون أقل من ست ساعات يومياً خلال منتصف العمر، ارتفع لديهم خطر الإصابة بالخرف بنسبة تراوحت بين 22% و37%، مقارنةً بمن كانوا يحصلون على سبع ساعات نوم أو أكثر.
ويُوضح التقرير أن النوم يمنح الدماغ الفرصة للتخلص من الفضلات، بما في ذلك بروتينات "بيتا أميلويد" التي تتراكم خلال النهار.
ويعتقد علماء في كلية الطب بجامعة هارفارد أن هذه البروتينات، عند تراكمها وتكتلها، تُشكّل لويحات في الدماغ ترتبط مباشرة بأمراض الزهايمر والخرف.
أمّا عن كيفية تنظيف الدماغ أثناء النوم، فيشير تقرير "هيلث دايجست" إلى أن النوم العميق، أو ما يُعرف بنوم الموجة البطيئة، يُفعّل الجهاز الغليمفاوي، وهو النظام المسؤول عن إزالة السموم من الدماغ. في هذه المرحلة من النوم، تتقلص خلايا الدماغ قليلاً، ما يسمح بزيادة تدفق السائل الدماغي الشوكي لتنظيف الدماغ من الفضلات.
ووفقاً لمقال نُشر عام 2020 في مجلة Brain Sciences، قد تكون مشاكل الجهاز الغليمفاوي مرتبطة بالأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر. وغالباً ما يُعاني المصابون بهذه الأمراض من اضطرابات في النوم، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت قلة النوم سبباً مباشراً للإصابة، أم أنها مجرد مؤشر مبكر على تطور المرض.
ومع التقدّم في العمر، تقل كفاءة الجهاز الغليمفاوي طبيعياً، إذ ينتج الدماغ كميات أقل من بروتينات قنوات الماء (AQP4)، وهي المسؤولة عن تنظيم تدفق السوائل داخل الدماغ. كما أن عوامل الشيخوخة الأخرى، مثل ضعف نبض الأوعية الدموية أو اضطرابات التنفس أثناء النوم، تسهم أيضاً في إبطاء عملية تنظيف الدماغ. وفي حالات الزهايمر، غالباً ما تكون قنوات (AQP4) غير منتظمة أو غير نشطة، مما يُضعف قدرة الدماغ على التخلص من بروتينات بيتا أميلويد، ويؤدي إلى تسارع الضرر العصبي.
بالتالي، يعتبر النوم العميق والمنتظم وسيلة طبيعية وأساسية للحفاظ على صحة الدماغ والوقاية من أمراض الشيخوخة العصبية.