2025/04/16
الإيكونوميست تحذر من سباق جديد للسيطرة في البحر الأحمر يهدد استقرار المنطقة - [ترجمة خاصة]

سلطت مجلة The Economist البريطانية في تقرير جديد لها بعنوان "سباق جديد على موانئ البحر الأحمر يهدد استقرار المنطقة"، الضوء على التنافس المتسارع بين القوى الإقليمية والدولية للسيطرة على الموانئ والمواقع الحيوية في منطقة البحر الأحمر، واصفة ما يحدث بأنه "جولة جديدة من التهافت العنيف" على مفاصل التجارة البحرية، قد تؤدي إلى إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة.

ويأتي هذا التحذير في ظل تصاعد التوترات في البحر الأحمر، وخاصة بعد أن شن الحوثيون، الذين يسيطرون على أجزاء واسعة من اليمن، هجمات على سفن الشحن الدولية منذ أواخر عام 2023، في خطوة وصفوها بأنها تعبير عن التضامن مع الفلسطينيين في غزة. وأسفرت تلك الهجمات عن تراجع حركة الشحن عبر الممر البحري الحيوي بنسبة تفوق الثلثين، وفقاً لتقديرات المجلة.

وقالت الإيكونوميست إن قرابة 12% من إجمالي التجارة العالمية كانت تمر عبر البحر الأحمر قبل اندلاع التوترات الأخيرة، ما يعكس الأهمية البالغة لهذا الممر بالنسبة للاقتصاد العالمي، خصوصاً في ظل اعتماد كثير من الاقتصادات الكبرى عليه كممر استراتيجي لتوريد الطاقة والسلع.

محور التنافس الدولي
ووفق التقرير، تبرز جيبوتي – الدولة الصغيرة المطلة على مضيق باب المندب – كلاعب محوري في هذا المشهد المضطرب. تقع جيبوتي في موقع استراتيجي عند نقطة التقاء البحر الأحمر بخليج عدن، وتُعد البوابة الجنوبية لقناة السويس، ما يمنحها أهمية بالغة على مستوى الملاحة العالمية.

وتحتضن جيبوتي القواعد العسكرية الوحيدة في إفريقيا لكل من الولايات المتحدة والصين، في مشهد يُجسد بوضوح التنافس الدولي المتصاعد على النفوذ في المنطقة. كما أن فرنسا، واليابان، وإيطاليا تمتلك قواعد عسكرية في البلد، إلى جانب تواجد متكرر لسفن حربية من دول كإيران واليونان، ما يجعل من جيبوتي ساحة مفتوحة لكثير من التفاعلات الأمنية والعسكرية.

واعتبر التقرير أن "جيبوتي تمثل جزيرة من الاستقرار وسط محيط من الفوضى"، وأن استقرارها النسبي يجعل منها محطة مركزية في أي تحرك دولي لضمان أمن الملاحة في البحر الأحمر، وخاصة بعد اتساع نطاق الهجمات الحوثية التي دفعت عدة شركات شحن لتغيير مساراتها نحو رأس الرجاء الصالح، رغم ما يتطلبه ذلك من تكاليف إضافية وزمن أطول.

عقدة تجارية وعسكرية
وأشارت المجلة إلى أن صراع النفوذ على موانئ البحر الأحمر ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى عدة عقود، إلا أن ما يجري حاليًا يتميز بحدة غير مسبوقة، نظرًا لتقاطع العوامل التالية:

- التراجع الأمني في اليمن، واستمرار هشاشة الوضع السياسي في السودان وإريتريا؛

- صعود الحركات المسلحة العابرة للحدود؛

- التحولات في المواقف الغربية تجاه ملفات المنطقة؛

- تصاعد النفوذ الصيني والروسي، ومحاولاتهما فرض توازن جديد للقوى في المنطقة؛

- الحرب في غزة وتداعياتها الإقليمية.

وأوضحت أن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز وجودها العسكري والدبلوماسي في البحر الأحمر، بالتنسيق مع شركائها الإقليميين، من أجل ردع التهديدات الحوثية وحماية مسارات التجارة. في المقابل، تسعى إيران لتعزيز علاقتها مع الحوثيين، مدفوعة برغبة استراتيجية في الضغط على خصومها الخليجيين وتهديد مصالح الغرب في المنطقة.

موانئ مستهدفة وتنافس اقتصادي
وأكد التقرير أن التنافس لا يقتصر على الجوانب العسكرية فحسب، بل يمتد إلى الاستثمار في الموانئ والبنية التحتية. فدول مثل الإمارات والسعودية والصين تُبدي اهتمامًا متزايدًا بالموانئ في القرن الإفريقي، مثل ميناء بربرة في صوماليلاند، وميناء بورتسودان في السودان، وميناء مصوع في إريتريا.

وفي الوقت ذاته، يُطرح سؤال ملحّ حول مدى قدرة هذه الدول على تأمين استثماراتها في ظل هشاشة الأوضاع السياسية في تلك البلدان، وتنامي نشاط الميليشيات المسلحة، وتقلص قدرة الحكومات المحلية على بسط سلطتها على كامل أراضيها.

في عين العاصفة
وأنهت الإيكونوميست تقريرها بالتأكيد على أن البحر الأحمر يمر بمرحلة حرجة، حيث يتقاطع فيه الأمن القومي للدول، والمصالح الاقتصادية العالمية، والطموحات الجيوسياسية. واعتبرت أن المنطقة مرشحة لمزيد من الصراعات المفتوحة إذا لم يتم احتواء الوضع عبر مسارات دبلوماسية وأمنية جماعية.

وأكدت المجلة أن العالم لا يمكنه أن يغض الطرف عن ما يحدث في البحر الأحمر، خاصة وأن أي تصعيد فيه ستكون له تداعيات مباشرة على الاقتصاد العالمي، وسلاسل الإمداد، وأمن الطاقة.

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.com/news325668.html