بدأت إيران والولايات المتحدة، يوم السبت، محادثات غير مباشرة رفيعة المستوى في سلطنة عُمان، تهدف إلى إعادة إطلاق المفاوضات بشأن برنامج طهران النووي المتسارع، وسط تهديدات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذ إجراءات عسكرية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر عماني القول إن "المحادثات تهدف للتوصل لاتفاقات محدودة تخفف العقوبات على إيران مقابل كبح برنامجها النووي".
ويقود وزير الخارجية عباس عراقجي الوفد الإيراني، فيما يمثل الوفد الأميركي مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عبر منصة "إكس": "بدأت المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة وزير خارجية سلطنة عُمان".
وأوضح بقائي أن كل وفد يوجد في غرفة منفصلة، ويتم تبادل الرسائل عبر وزير الخارجية العُماني.
وتعاملت إيران مع هذه المحادثات بحذر، مشككة في إمكانية أن تفضي إلى اتفاق، ومبدية عدم ثقة تجاه ترامب الذي هدد مرارًا بقصف إيران إذا لم توقف برنامجها المتصاعد لتخصيب اليورانيوم.
ورغم أن الطرفين تحدثا بإيجابية عن فرص إحراز تقدم، لا تزال الخلافات بينهما كبيرة بشأن قضية استمرت لأكثر من عقدين، كما لم يتفقا بعد على ما إذا كانت المحادثات ستكون مباشرة، كما يطالب ترامب، أو غير مباشرة، كما ترغب إيران.
وقبيل انطلاق المحادثات – التي تُعد الأولى بين إيران وإدارة ترامب، بما فيها ولايته الأولى بين 2017 و2021 – التقى عراقجي وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي في مسقط، حيث قدّم "النقاط الرئيسية والمواقف الإيرانية التي سيتم نقلها إلى الجانب الأميركي"، حسبما أفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية.
وقد يساهم إحراز تقدم في تهدئة التوترات في منطقة ملتهبة منذ عام 2023 بالحروب في غزة ولبنان، وتبادل الصواريخ بين إيران وإسرائيل، وهجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر، وسقوط الحكومة في سوريا.
لكن فشل المحادثات قد يزيد من المخاوف بشأن اندلاع صراع أوسع في منطقة تصدر معظم نفط العالم. وقد حذرت طهران الدول المجاورة التي تستضيف قواعد أميركية من أنها ستواجه "عواقب وخيمة" إذا شاركت في أي هجوم عسكري أميركي على إيران.
وقال عراقجي للتلفزيون الإيراني: "هناك فرصة للتوصل إلى تفاهم مبدئي بشأن مفاوضات مستقبلية إذا دخل الطرف الآخر (الولايات المتحدة) المحادثات على أساس من الندية".
وأضاف أنه من المبكر الحديث عن مدة المحادثات. "هذه هي الجلسة الأولى، وفيها سيتم توضيح العديد من القضايا الأساسية والمبدئية، بما في ذلك ما إذا كان هناك إرادة كافية من كلا الطرفين، ثم سنتخذ قراراً بشأن الجدول الزمني".
وأفاد مسؤول إيراني لوكالة رويترز بأن المرشد الأعلى علي خامنئي – الذي يمتلك الكلمة الفصل في شؤون الدولة – منح عراقجي "صلاحيات كاملة" لإدارة المحادثات.
وأكدت إيران أنها لن تتفاوض بشأن قدراتها الدفاعية، بما في ذلك برنامجها الصاروخي الباليستي.
نزاع يمتد لعقود
لطالما نفت إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية، إلا أن الدول الغربية وإسرائيل يعتقدون أنها تحاول سراً تطوير القدرة على تصنيع قنبلة نووية.
ويقولون إن تخصيب إيران لليورانيوم، وهو وقود نووي، تجاوز بكثير متطلبات برنامج طاقة مدني، وإنها أنتجت مخزونات بمستوى نقاء انشطاري قريب من المطلوب لتصنيع رؤوس حربية نووية.
وكان ترامب قد أعاد فرض سياسة "الضغط الأقصى" على طهران منذ فبراير، بعد أن انسحب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية، خلال ولايته الأولى في 2018، وأعاد فرض عقوبات مشددة على الجمهورية الإسلامية.
ومنذ ذلك الحين، تقدم البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 60%، وهي خطوة فنية تقترب من مستويات إنتاج السلاح.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يوم الخميس إنه يأمل أن تؤدي المحادثات إلى تحقيق السلام، مضيفاً: "كنا واضحين تماماً بأن إيران لن تمتلك سلاحاً نووياً، وأعتقد أن هذا ما أدى إلى انعقاد هذا الاجتماع".
وتعد إسرائيل، الحليف الأقرب للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً وجودياً لها، وهددت منذ وقت طويل بمهاجمة إيران إذا فشلت الدبلوماسية في كبح طموحاتها النووية.
وقد تراجعت نفوذ إيران الإقليمي بشكل كبير خلال الـ18 شهراً الماضية، حيث تعرض حلفاؤها في المنطقة – المعروفون باسم "محور المقاومة" – إما للتفكك أو لأضرار جسيمة منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في غزة، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر.