أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة صحة المراهقين (the Journal of Adolescent Health) في النصف الثاني من شهر فبراير الحالي، أن السلوك الخامل، مثل قضاء أكثر من 3 ساعات يوميًا في الأنشطة الترفيهية أمام الشاشات، قد يكون له تأثير سلبي على الصحة النفسية للمراهقين في المستقبل. حيث وجد الباحثون أن المراهقين الذين يقضون وقتًا طويلًا في ممارسة ألعاب الفيديو أو القراءة من أجل الترفيه أو حتى مجرّد التصفح العشوائي عبر الهواتف المحمولة، هم الأكثر عرضة للمعاناة من مشاكل نفسية في سن السابعة عشرة.
شاشات مفيدة وآخرى ضارة
وأوضحت الدراسة أن التعرض المعتدل للشاشات، بما لا يتجاوز 120 دقيقة يوميًا، خصوصًا في الأنشطة التعليمية كأداء الواجبات المنزلية أو حضور الفصول الدراسية، لا يؤثر سلبًا على الحالة النفسية للمراهقين. إلا أن السلوك الخامل المنتشر بين المراهقين عالميًا، وعدم ممارسة النشاط البدني بشكل كافٍ، أصبح يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة على المستويين البدني والنفسي.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن قضاء وقت طويل في استخدام الأجهزة الإلكترونية، يعد أحد الأسباب الرئيسية المؤدية إلى السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية.
دراسة شاملة على أكثر من 3500 مراهق
أجريت الدراسة في معهد الطب النفسي وعلم النفس وعلم الأعصاب في كينغز كوليدج في المملكة المتحدة، حيث تم تحليل البيانات المتعلقة بـ 3500 مراهق من دراسة مجموعة الألفية (مشروع يتابع الأطفال الذين وُلِدوا بين عامي 2000 و2002). تضمن البحث جمع بيانات حول السلوكيات الخاملة، مثل قضاء الوقت أمام الشاشات، والوقت المخصص للنشاط البدني أو التعليم.
في المرحلة الأولى من البحث، قام المراهقون بتسجيل أنشطتهم كل 10 دقائق، تم تصنيفها بين النشاط البدني، الوقت أمام الشاشات، والأنشطة الترفيهية. وبعد 3 سنوات، في سن السابعة عشرة، استُخدم مقياس كيسلر لتحديد مدى معاناة المراهقين من مشكلات نفسية.
السلوك الخامل وصحة نفسية متدهورة
بينت النتائج أن المراهقين الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يوميًا في أنشطة خاملة، سواء كانت أمام الشاشات أو في أنشطة غير بدنية، هم الأكثر عرضة للإصابة بمشكلات نفسية في سن السابعة عشرة. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة عن مفاجأة وهي أن المراهقين الذين يقرأون لفترات طويلة – سواء في القراءة العشوائية أو لأغراض الترفيه – كانوا أيضًا أكثر عرضة لتدهور صحتهم النفسية، وهي نتيجة مخالفة لمعظم الدراسات السابقة التي ربطت القراءة بتحسين الصحة النفسية.
وأوضح الباحثون أن القراءة المفرطة قد تكون قد حلت محل الأنشطة الاجتماعية وجهاً لوجه أو النشاطات البدنية التي تساهم في الحفاظ على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية. كما أن القراءة على الشاشات الإلكترونية قد تضر بالصحة النفسية بسبب الضوء الأزرق الذي يؤثر سلبًا على النوم.
ونصح الباحثون بضرورة تقليل الوقت المخصص أمام الشاشات وممارسة النشاط البدني بشكل منتظم لتحسين الصحة النفسية للمراهقين.