في الوقت الذي بدأ العالم يتنفس الصعداء مع بدء عمليات التطعيم بلقاحات «كورونا» في عدد من دول العالم صدمت بريطانيا المجتمع الدولي بإعلانها تفشي سلالة جديدة من الفيروس في البلاد وخروجها عن السيطرة وهو إعلان دفع العديد من الدول إلى وقف رحلاتها إلى المملكة المتحدة فيما أعلنت أخرى غلق منافذها حتى إشعار لاحق.
ودعت منظمة الصحة العالمية لتعزيز القيود لمواجهة هذه السلالة متحدثة عن مؤشرات أولية تفيد بأن عدوى السلالة قد تكون أكبر، فضلاً عن أنها قد تؤثر في فاعلية بعض أساليب التشخيص.
ويبدو كما هو واضح أن السلالة الجديدة أربكت دول العالم الذي واجه الفيروس بإجراءات مشددة حينما بدأ ينتشر بداية العام الجاري إذ لجأت الدول حينها إلى اتباع سياسة الإغلاق سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى حدودها غير أن هذه السياسات المتخذة سرعان ما كشفت عن آثار اقتصادية مدمرة إذ أدت الجائحة إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وضربت مقومات العرض والطلب في آن واحد، وذلك بسبب فرض قيود الحجر الصحي وحالة الذعر لدى المستهلك، وفي ظل التوقعات باستمرار آثار تلك الأزمة سنوات عديدة تتوقع مؤسسات ومنظمات عالمية تكبد دول العالم خسائر تقدر بأكثر من 4 تريليونات دولار.
وأظهرت أرقام أن حصيلة الخسائر الناجمة عن تدابير الوقاية والإجراءات التي اتخذتها عديد الدول حول العالم لمنع تفشي فيروس كورونا، فاتورة ثقيلة على الاقتصاد العالمي بينما يبقى الانتعاش المحتمل محل شكوك.
وأظهرت هذه الأرقام خسائر بالمليارات لدى شركات النفط والطيران والسيارات والناتج المحلي الإجمالي في حال تدهور وهي حصيلة مفزعة وصادمة.
ولقد جاءت الأرقام مذهلة، إذ كشفت ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا عن هبوط تاريخي بـ10.1 في المئة في إجمالي الناتج المحلي في الربع الثاني، في حين سجلت المكسيك تراجعاً بـ17.3 في المئة وهو الأعلى في تاريخها كما سجل الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، انخفاضاً بـ32.9 في المئة.
وتوقعت المستشارة الاقتصادية في صندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث في تصريحات سابقة لـ«بلومبيرغ»، أن الاقتصاد العالمي قد يتكبد بسبب الأزمة نحو 12.5 تريليون دولار في العامين الجاري والمقبل، مرجحاً استمرار الضغوط فترة طويلة وسط وجود درجة مرتفعة من الشكوك في ظل وجود توقعات بحدوث موجات أخرى من العدوى بالفيروس ما سيؤدي إلى زيادة الإنفاق على مكافحة الوباء وتقييد أسعار الفائدة والظروف المالية ما يجعل الديون العالمية تتفاقم أكثر وأكثر. وفي الوقت الذي انتعشت فيه الآمال بقرب نهاية الوباء مع بداية التطعيم ضد الفيروس فاجأت السلالة الجديدة للوباء العالم ما سيدفع بالدول للعودة إلى المربع الأول وبحث السبل الكفيلة بالحفاظ على الصحة العامة من جهة ومنع اقتصاداتها من الانهيار من جهة أخرى.