قال مركز دراسات إماراتي إن مقدمات أزمة اقتصادية جديدة أشد عُمقاً وإيلاماً في اليمن باتت قائمةً بالفعل، وربما تدفع تداعياتها الكارثية اقتصاد هذا البلد إلى حافة الانهيار التام إذ أخذت هذه الأزمة منحىً تصاعدياً يتعذَّر كبحه والسيطرة عليه.
وأوضح مركز الإمارات للسياسات في دراسة حديثة بعنوان "تفاقُم أزمة الاقتصاد اليمني: المؤشِّرات والتداعيات" إن أهم المؤشرات على الأزمة الاقتصادية هي استمرار الحكومة في طبع المزيد من العملة المحلية دون غطاء، واقتراب الوديعة السعودية من النفاد وتضاؤل إمكانية تجديدها، وتراجُع حجم التحويلات من العمالة اليمنية في دول الخليج على نحو غير مسبوق، وتفاقُم أزمة الاقتصاد الكلي بفعل تداعيات وباء كورونا وتزايد الانقسامات نتيجة الصراع العنيف بين القوى المحلية، شمالاً وجنوباً.
وأشارت الدراسة إلى أن مؤشرات التراجع بدأت في الظهور بعد انخفاض سعر الصرف في الأيام القليلة الماضية إلى حدود 750-760 ريال يمني مقابل الدولار، وبالرغم من محاولة البنك المركزي اليمني التدخُّل للحد من مستوى هذا التراجع وإلقائه اللوم على المضاربين بالعملات ومحلات الصرافة واتخاذه إجراءات مُشددة ضدهم، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل نظراً لاتصال هذا التراجع بالعوامل الجذرية المشار إليها في الورقة وليس بالتعاملات اليومية هامشية التأثير غالباً.
وفيما يتعلق بأبرز التداعيات المحتملة للأزمة الاقتصادية المرتقبة توقعت الدراسة بأن يتراجع سعر صرف الريال اليمني بشكل كبير في الأيام والأسابيع المقبلة، ويتوقع بعض الخبراء أن يكسر سعر الصرف سقف الـ 1000 ريال مقابل الدولار الأميركي الواحد؛ وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار غالبية السلع في السوق المحلية بما فيها السلع الضرورية.
وقالت الدراسة: "ومن المؤكد أن التضخُّم وتراجع سعر صرف الريال المتوقَّعين سيؤثِّران بشكل بالغ على المستوى المعيشي للموظفين في القطاعين العام والخاص وأصحاب المشاريع الصغيرة، علاوةً على الشريحة الواسعة من المواطنين اليمنيين العاجزين أساساً في الوقت الحالي عن توفير متطلباتهم المعيشية الأساسية بشكل منتظم.
وأضافت الدراسة: "ستُفاقِم هذه التداعيات من حِدَّة الأزمة الإنسانية المستمرة منذ عدة سنوات في اليمن، والتي جعلت 75% من السكان تحت خط الفقر بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وأدَّت إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى النصف تقريباً، وبدَّدت عقوداً من التنمية والنمو الاقتصادي المتواضعين".
وبينت الدراسة أنه "مما يزيد من خطورة هذه التداعيات أنها تأتي بالتزامن مع تراجُع حجم المساعدات الدولية المقدمة إلى اليمن بنسبة كبيرة، سواءً لأسباب سياسية أو اقتصادية تخص الدول المانحة، الأمر الذي سيُضاعِف من تأثير تلك التداعيات على حياة شرائح كثيرة من اليمنيين المحتاجين للمساعدات الإغاثية والإنسانية عموماً".