2020/05/19
الصيف وحده لا يكفي لوقف انتشار الوباء

منذ أبريل (نيسان) الماضي، تباينت نتائج الدراسات حول مدى تأثير درجات الحرارة في فصل الصيف على فيروس «كورونا المستجد» أو ما بات يعرف بـ«كوفيد - 19»، فبينما أعطت دراسة فرنسية أجراها علماء من جامعة «إيكس مرسيليا»، نشرت في 14 أبريل الماضي على موقع (bioRxiv.org) قدرات خارقة للفيروس، بالقول إنه يمكنه التكاثر حتى تحت درجة حرارة 60 درجة مئوية.

 

وسبق أن أعلن مستشار وزير الأمن الداخلي الأميركي للعلوم والتكنولوجيا وليام برايان في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض يوم 24 أبريل عن نتائج دراسة أميركية ذهبت إلى أن الأشعة فوق البنفسجية في الصيف سيكون لها مفعول كبير في الحد من انتشار الفيروس.

 

وما بين المبالغة في التعظيم من قدرات الفيروس في مواجهة الحرارة والتقليل منها، احتار العالم في العلاقة بين الفيروس والصيف، لكنّ مشروعا بحثيا أميركيا لجامعة هارفارد، قدم ما يعتقد أنه أكثر مصداقية كونه اعتمد على نهج قام بالدمج بين أعداد حالات العدوى بالفيروس، والأحوال الجوية المصاحبة، لتوقع تأثير الطقس على انتقال العدوى خلال الأشهر القادمة.

 

وخلال دراسة نشرت حول هذا المشروع في 13 مايو (أيار) الجاري بموقع (medrxiv)، قام الباحثون بتجميع قائمة بيانات تشمل انتقال الفيروس وبيانات الطقس في 3739 موقعا حول العالم ابتداءً من 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019 إلى 22 أبريل 2020، وخلصوا إلى أن حرارة الصيف والرطوبة وأشعة الشمس الوفيرة، يجب أن تتضافر مع التدابير الاحترازية لتثبيط انتشار فيروس «كورونا» المستجد.

 

ووجدت الدراسة أن كل ارتفاع قدره درجة مئوية واحدة فوق 25 درجة مئوية يصاحبه انخفاض قدره 3.1 في المائة في معدل استنساخ الفيروس، وأن مستويات الرطوبة النسبية العالية تزيد من التأثير العكسي لدرجات الحرارة فوق 25 درجة مئوية، إلا أن الدراسة أكدت كذلك أن قوة الأثر التقديري المدروس لطقس الصيف لا تعد كافية للسيطرة الموسمية على الوباء في معظم المواقع، وهو المعنى الذي عكسه الدكتور محمد جلالي، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد، والمشارك بالبحث، في تقرير نشرته أول من أمس صحيفة «واشنطن بوست» بقوله إن «أفضل طريقة للتفكير في الطقس، هي أنه عامل ثانوي».

 

ويضيف «من المرجح أن تضيع أي فائدة من ظروف الصيف، إذا اعتقد الناس عن طريق الخطأ أن الفيروس لا يمكن أن ينتشر في الطقس الدافئ، وتخلوا عن الجهود التي تحد من العدوى، مثل الابتعاد الاجتماعي».

 

وتكتسب الرسالة التي تحاول هذه الدراسة توصيلها أهمية خاصة مع اتخاذ بعض الدول إجراءات تخفيف القيود لإعادة بعض الأنشطة، فعلى سبيل المثال سيجد العديد من الأشخاص الذين كانوا في الحجر الصحي أنفسهم في أماكن مثل الشواطئ والمسابح والحدائق والمواقع الترفيهية.

 

ووضعت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بعض الإرشادات الصحية للتعامل مع هذا الوضع الجديد، وقالت إن السباحة في بركة معقمة بالكلور ستكون آمنة إذا احتفظ الناس بقاعدة التباعد الاجتماعي التي يبلغ طولها 6 أقدام.

 

ويشجع مركز السيطرة على الأمراض استخدام أغطية الوجه، لكن حذر من أنه لا ينبغي ارتداؤها في الماء، لأنه عندما تكون رطبة فإنها تجعل التنفس صعبا.

 

وشدد توماس مولينا، خبير الأرصاد الجوية والأستاذ في جامعة برشلونة الإسبانية، على نفس الرسالة التي جاءت بها الدراسة، وقال مولينا في التقرير ذاته الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، إنه أجرى دراسة حول تفشي الفيروس في برشلونة ووجد علاقة بين درجات الحرارة المرتفعة ومعدلات انتقال الفيروس المنخفضة، ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الظروف البيئية ليست سوى عنصر واحد في المعادلة، وليس الأكثر صلة إلى حد بعيد.

 

ويقول: «لا يزال بإمكان الأشخاص نقل الفيروس من خلال تفاعلات شخصية وثيقة في أي ظرف من الظروف، سواء في الشمس أو المطر، وتكشف الصورة العالمية أن الفيروس قادر على الانتشار في أي مناخ، حيث تشهد البلدان ذات الطقس الدافئ، بما في ذلك سنغافورة وإندونيسيا والبرازيل والإكوادور، انتشارا فيروسيا كبيرا».

 

ويقول يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «كثير مما سيحدث في هذا الصيف، يتوقف على مدى دقة الناس في الحفاظ على التباعد الاجتماعي وتقليل الاتصال مع الآخرين».

 

ويشدد على خطورة الأماكن الضيقة، حيث يكون الناس فيها على اتصال وثيق، كما يحدث في مكاتب العمل، مضيفا «الأبحاث المنشورة حديثا أشارت إلى إمكانية انتقال الفيروس عبر خروج قطرات صغيرة مصدرها الجهاز التنفسي أثناء الحديث مع بعضنا البعض، ومثل هذه السلوكيات ليس لها علاقة بالصيف».

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.com/news264809.html