2015/10/17
هادي يكره الإخوان اكثر من صالح

محمد عبدالله القادري

  في المقابلة الاخيرة التي اجرتها قناة الميادين مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ، والتي تحدث فيها كعادته من خلال اتهامه لرئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي بالتربية الاخوانية او التحالف مع الاخوان المسلمين في اليمن او الانبطاح امام جماعة الاخوان ، وهذا الاتهام خاطئ جداً وليس الا مجرد ذريعة إذ هناك حقائق كثيرة وادلة عدة توضح وتبين ان هادي يكره جماعة الاخوان اكثر من صالح .

  مشكلة آل عفاش هي الصاق التهمة بالاخوان مع كل من يعادونه او يختلفون معه ، حتى وصل بهم الامر إلى اتهام انصارهم واتباعهم ومن يواليهم  ويقف معهم ، فعندما تكون مناصر لهم ومخلص معاهم ولكنك ستنتقدهم يوماً في امر ما وتبدي لهم رأيك حول سلبية معينة سيتهمونك بالاخونجية او الميول للاخوان مجرد ذلك الانتقاد الموجه لهم او ذلك الرأي الذي يخالفهم ، وكذلك الحال مع الجماعة الحوثية التي تتهم كل من يخالفها ويعاديها بالتكفيريين ، وهذا مايدل على ان ال عفاش ترسخت لديهم ثقافة بأن كل من يعاديهم ويختلف معهم وينتقدهم يعتبر اخواني ، وتلك الثقافة تتشابه بوجودها عند الجماعة الحوثية التي تتهم كل من يعاديها ويختلف معها وينتقدها بأنه تكفيري.

  حدثنا الشيخ سلطان البركاني الامين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام عدة مرات ان الرئيس هادي لايمكن ان يميل الى جماعة الاخوان او يتعاون معهم ، لأن فيه عقدة قديمة جعلته يكره الاخوان بشدة وتلك العقدة تولدت فيه منذ ان كان يدرس في روسيا، ويأتي حديث الشيخ البركاني من باب اقناعنا بموقف هادي باعتبارنا ناشطين مؤتمريين كنا نقوم احياناً بحملات اعلامية شرسة ضد الرئيس هادي نتهمه بالتعاون مع حزب الاصلاح ومحاربة المؤتمر ، ورغم اني لست فاهم بشكل مفصل عن عقدة الرئيس هادي التي جعلته يكره الاخوان لأن الشيخ سلطان حدثنا وكنت مخزن اسبح في خيالات اخرى ولم اركز جيداً عن كيفية تلك العقدة ، ولكن من اراد ان يعرف تفاصيل تلك العقدة فعليه ان يستفسر الشيخ البركاني.

  من خلال المقارنة بين علاقات صالح مع الاخوان وعلاقة هادي مع الاخوان سنجد ان هادي يكره الاخوان اكثر من صالح ، فعندما ننظر إلى عهد حكم صالح لليمن سنجد وجود علاقات تأريخية قوية بينه وبين جماعة الاخوان في الثمانينات وبينه وبين تلك الجماعة التي تحولت إلى حزب التجمع اليمني للاصلاح في التسعينات ، حيث شهدت فترة الثمانينات والتسعينات علاقة تأريخية وقوية ومتينة بين صالح وحزب الاصلاح ، وتلك العلاقات استفاد منها صالح من خلال استخدام حزب الاصلاح في مجالات عديدة تتمثل في التوحد ضد الخصوم والشراكة في الحكومة وخوض العمليات الانتخابية ، وهي ايضاً ماجعلت حزب الاصلاح يستفيد من صالح بالمقابل في مجالات عدة ولايسع المجال هنا ان نذكر كل تفاصيل الاستفاده وجوانبها بين الطرفين ، ولكن الامر يدل على ان علاقة صالح بحزب الاصلاح حققت نوع من التوازن في اليمن وعند تدهور تلك العلاقات اختلت عملية التوازن ووصل الامر الى تنازل صالح عن السلطة .

واذا نظرنا ايضاً إلى علاقة الرئيس هادي مع حزب الاصلاح اثناء فترة حكمه سنجد ان مشاركة حزب الاصلاح في حكومة الوفاق لم تأتي نتيجة طلب هادي او رغبة منه بل هي عملية الزام ناتجة عن اتفاقية المبادرة الخليجية ، وايضا سنجد ان هادي قلص حزب الاصلاح تقلص تدريجي من خلال نسبة المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد حكومة الوفاق ، وهناك ادلة كثيرة تؤكد ان هادي لم يفتح المجال لحزب الاصلاح في جوانب عديدة وقد يكون ذلك من الكره لجماعة الاخوان وعدم الرغبة الصادقة في التحالف معهم او التعاون الصادر عن ثقة وانسجام تام بين الطرفين ، وهذا مايتضح جلياً ان هادي يكره جماعة الاخوان اكثر من صالح .

اما من جهة المقارنة بين البيئة التي نشأ فيها هادي والبيئة التي نشأ فيها صالح سنجد   مؤشرات عديدة  جعلت  هادي يكره الاخوان من حيث الوضع القديم للبيئة التي نشأ فيها ، بالاضافة إلى كونه قائد بارز من ابناء الجنوب تربى في بيئة تحمل افكار متعارضة كل التعارض مع افكار الاخوان التي كانت غائبة بشكل كلي ، ولكن البيئة التي نشأ فيها صالح تعتبر بيئة قبلية شعبية ولدت نوع التقارب فكرياً من خلال وجود الاخوان في الجانب القبلي وبقية الجوانب وهو مانتج عنه تحالف بين صالح والاخوان بحكم الميول القبلي والواقع السياسي . وهذا مايدل على أن البيئة تؤشر إلى كره هادي لجماعة الاخوان اكثر مما يكرههم صالح .

  هناك احد الخطابات التي القاها علي عبدالله صالح يتناقض فيها كل التناقض مع التهم التي يوجهها لهادي بشأن تعاونه مع الاخوان وتحالفه معهم وتأثيرهم عليه ، ففي ذلك اللقاء الذي اجتمع فيه صالح بأعضاء اللجنة العامة والدائمة للمؤتمر اثناء صدور قرار العقوبات من مجلس الامن الدولي  ، القى صالح كلمة قال فيها انهم تخلصوا من حميد الاحمر وتخلصوا من علي محسن ويريدوا ان يتخلصوا منه ولكنه لن يرحل ولن يستطيعوا التخلص منه ، وهو يقصد بذلك هادي الذي تخلص حميد ومحسن ويتجه بعدها نحوه ، وهذا يدل من خلال ذلك الخطاب على أن هادي تخلص من الاخوان قبل ان يتخلص من صالح ، وهو مايجعلنا نحكم ان هادي يكره الاخوان اكثر مما يكره صالح ، وفي نفس الوقت يكره الاخوان اكثر ممايكرههم صالح .

من خلال المقارنة بين موقف حميد الاحمر وموقف علي عبدالله صالح تجاه هادي ، سنجد ان حميد يتهم هادي بتسليم عمران للحوثيين ، وصالح يتهم هادي بتسليم صنعاء للحوثيين ، وايضاً في الوقت الحالي سنجد حميد يستهدف هادي وسنجد صالح يستهدف هادي ، وهذا مايدل وجود خلاف شامل للدائرة الثلاثية ، فرغم وجود الخلاف بين صالح وحميد الا انهما يتفقان في استهداف هادي واتهامه ، ورغم وجود الخلاف بين هادي وصالح الا ان ذلك الخلاف لم يؤدي تحالف وتصالح هادي مع الاخوان سابقاً وحاضراً .

حزب الاصلاح ليس سبب الخلاف بين صالح وهادي ، فالخلاف له اسباب اخرى تدل على صراع من نوع آخر وتبرزه بأنه صراع مؤتمري مؤتمري ، فهادي الذي يختلف مع صالح هو ايضاً مختلف مع حزب الاصلاح ، وصالح الذي يختلف مع حزب الاصلاح هو ايضاً مختلف مع هادي ، وقديكون كره هادي لحزب الاصلاح ناتج عن سبب فكري ، ولكن كره صالح لحزب صالح ناتج عن عداء شخصي وسياسي ، ولولا اختلاف صالح مع حزب الاصلاح الناتج عن سبب وقوف الاصلاح وراء ترك صالح للسلطة من خلال الثورة الشبابية ، لتحالف صالح مع الاصلاح ليستخدمهم في الوقوف ضد هادي ..... هذا ماتلخصه لنا حقيقة الواقع اذا نظرنا اليها بموضوعية وتكلمنا عنها بشفافية .

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.com/news26041.html