2019/07/29
في عودة الفلسفة| نهاية أفلاطونية للعالم الأرسطي!

كانت الفلسفة في السماء فأنزلها أرسطو إلى الأرض.

مقولة شائعة في الفلسفة. وأزعم أنها لم تعد صالحة الآن. وأحاول هنا الإيجاز.

 

كانت مثاليات أفلاطون وأخيلته الجموح ومدينته الفاضلة (أو المتخيلة كما يرادفها البعض)، وحتى مدينته الأرضية على نحو ما رسمها في "الجمهورية"، ذروة مرحلة طويلة في مسيرة العقل والتفلسف.

 

جاء مريده وتلميذه النجيب، والذي سيدعى فيما بعد بالمعلم الأول، ليشتغل على مستوى آخر من العقل والتفلسف، ماديا أو فيزيقيا أكثر (بالتباعد عن الميتافيزيقا).

 

اختط أرسطو، بابتكار "المنطق"، مرحلة جديدة كليا سوف تستمر وتتفاقم إلى الفلسفة الحديثة وروجر بيكون والمنهج العلمي وانفجار العلوم التجريبية التي راحت تستقل بذاتها تباعا عن الفلسفة (الأم).

 

وبقيت الفلسفة (المهجورة) وفية لأفلاطون والآباء الأوائل، أكاديميا، واستبقت إرثهم في مبحث (المعرفة) إلى مبحثي، الأخلاق وعلم الجمال.

 

لكنها (الفلسفة)، مذ هبطت إلى الأرض، تناسلت وتناسخت وتناسجت، علوما ومناهج بحث وابتكارات وصناعات وأموال وثروات وثورات وآلات و.. تقنيات حديثة وأحدث وتكنولوجيا دقيقة وأدق فأكثر دقة، تقودها صناعة الاتصالات، والتي تعني فيما تعنيه التواصل بين البشر، وهو معنى كان يختمر في ذهن أرسطو عندما أرسى قواعد المنطق علما متمايزا وأصيلا لينظم "التواصل" بين البشر أولا وبينهم والعالم من حولهم والطبيعة ثانيا.

 

وعلى مجرى التفلسف، استطراداً، انتهت الرحلة والمرحلة إلى الثورة الاتصالية التي تعيد تفسير وتشكيل العلم والعالم والعلاقات بطريقة غير فلسفية (بمعنى ما) وغير منطقية (بمعنى ما) في آن، بالرغم من أمومة الفلسفة ومصدرية المنطق، ومن ثم نقلت العالم إلى عالم مواز ومتخيل وصار يعرف بالعالم الافتراضي.

 

وللمفارقة المدهشة، والمخيبة ربما لظن المعلم الأول ومريديه، أن هذه الرحلة الطويلة والشاقة التي أطلقها أرسطو قد انتهت إلى (الخيال) والافتراضي الذي كان يشتغل عليه أفلاطون قطب متفلسفي وعقلاء العالم في وقته. إنها تعود من جديد ومن باب واسع متطفلة على أعتاب الميتا.  هذه نهاية أفلاطونية صاخبة للعالَم الأرسطي.

 

وفي وسعي الآن أن أزعم، أن هذا يوفر مبحثا فذاً جديدا وفريداً للتفلسف لم تطرقه بعد المناهج الأكاديمية التي بقيت مخلصة لدراسة وتدريس الفلسفة في عدد من أعرق وأهم جامعات وكليات العالم.

 

أعني تلك التي تتوارث لمحة من إنسانية الإنسان والعلم والعالم.

 

الإنسان غير الافتراضي. وكذلك العالم.

 

* موعد لم أحضره مع الفلسفة.

ربما كان المبحث (ولست أعي السبب الذي دعاني لأدون هذا هنا والآن!) على صلة بأهم وأحب مواعيدي التي تخلفت عنها راغما لا راغبا بتخلفي عن استكمال الماجستير فالدكتوراة. لأجد نفسي هكذا، دون أن أجدني، دارس فلسفة تقطعت به السبل. أو افتراضي.

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news246678.html