هيا عبد العزيز المنيع
بعد أن قام أحد الذئاب المنفلتة بقتل خاله في ليلة عيد الفطر المبارك نجد آخر وفي عيد الأضحى يقتل ابن عمه في عملية إرهابية تعكس حقيقة أن الإرهاب فعلاً يغرس خنجره في خاصرة المجتمع دون رحمة ودون كلل بل كما قلت سابقاً هو يتطور وبقية مؤسسات المجتمع تتفرج عليه تاركة المسؤولية بأكملها على المؤسسة الأمنية التي مازالت تقوم بدورها على أكمل وجه وأكثر.
عندما يقوم شاب في بداية العشرين من عمره وبمساعدة من أخيه البالغ عمره ست عشرة سنة بقتل ابن عمهم وتصوير المشهد غير مبالين بصرخات قريبهم الله يرحمه (تكفى يا سعد تكفى يا سعد) والتي آلمت قلب كل من سمعها بل إن ألم الصرخة لن يخرج من أسماعنا لوقت طويل ونرجو أن لا يتم إخراجه بصرخة آخر تشبهها..، تلك الكلمات لم تكن كافية أن يستعيد سعد قدرته على التفكير في جريمته ويتوقف عن قتل قريبه.. إذاً نحن أمام شاب تشبع حتى الثمالة بفكر التوحش.. أمام شاب وأخيه تسلمتهما شياطين الأنس وحولوهما لوحوش تقتل بدم بارد.. الأخبار تؤكد أن الشباب الثلاثة تربوا في كنف أسرة واحدة لكون الشهيد يتيم الأب مما يعني معه أن الشباب الثلاثة اشتركوا في نفس الطعام وربما في نفس الغرفة وهذا يعني أن أسباب وجود الحب بينهما أكثر من مسببات الكراهية.. ولكن عمل الشهيد في القطاع العسكري وتشبع القاتل بفكر التوحش والتطرف جعل منهما عدوين.. جعل منهما خصمين في أرض معركة لا جغرافية محددة لها ولا خصماً محددا لها فربما يكون الخصم جارك وربما خالك وربما والدك أو والدتك وربما ابنك وربما رجل أمن يؤدي واجبه لحمايتك وحماية أسرتك وربما مصلّ يسجد لربه وربما مفكر أراد إضاءة النور في سراديب الظلام..
المكان لم يعد أرضاً حربية بل بات مسجداً وربما مكاناً تتنزه فيه العائلات كما يمكن أن يكون مركزاً أمنياً..
صرخة الشهيد إن شاء الله (تكفى يا سعد) لابد أن تحرك الكراسي الخاملة في مؤسسات التنشئة الاجتماعية فقد بات شبابنا هدفاً غير صعب على من يريد تجنيدهم لإثارة الفتنة في مجتمعنا..، القاتل حسب تصريح والده للإعلام يؤكد أنه عاطل عن العمل ورافض للعمل.. السؤال هنا وهو بهذا العمر أين رعاية الشباب عنه..؟ مدرسته ماذا علمته..؟ المسجد ماذا لقنه..؟ المنابر بماذا شحنته..؟
نعم مازال في بعض مساجدنا من يزرع ثقافة التوحش في وجدان شبابنا.. مازال هناك أساتذة في التعليم العام والعالي يختزلون الإسلام في دموية الجهاد وليس في ضوابطه ومحدداته وأهدافه تحت راية ولي الأمر وليس الخروج عن ولي الأمر..
علماؤنا الشرعيون للأسف مازالوا في حالة كسل لا مبرر لها هل يكفينا من هيئة كبار العلماء أن تصدر شجباً واستنكاراً لكل حادثة ثم تعود لصمتها..؟ ما تقوم به وزارة الداخلية ورجالاتها البواسل محل تقدير الجميع محلياً وخارجياً.. ولكنها ستبقى سيفاً حاداً يقتطع الرؤوس المتدلية أما المستنقع الذي تخرج منه تلك الرؤوس فإنه باقِ ويتطور في أساليبه، وكان علماؤهم يلقنونهم ثقافة الشر والتوحش وزعزعة المجتمع مستغلين غياب مؤسسات التنشئة عن احتواء أبنائنا..
(تكفى يا سعد) صرخة قوية إن لم تستيقظ منها ولها إرادة العمل لمواجهة التشدد والتطرف عند شبابنا فإننا معرضون لصرخة أخرى قد تكون أشد إيلاماً حينما تأتي من أم أو أب لابنهم بعد أن اعتقد أن موتهم طريقه للجنة.. الطابور طويل فهل تتحرك بقية المؤسسات أم تبقى وزارة الداخلية تناضل بمفردها؟