2017/09/07
اليمن يتجه إلى المجهول؟ أم هناك أمل؟
  بذل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، جهودًا جبارة، سياسية وعسكرية واقتصادية، وإغاثية. وهذا لا يختلف عليها اثنان. شكَّل الوقت عامل التحدي في تحقيق الأهداف، وبالأخص السياسية التي من أجلها تم استخدام القوة العسكرية لتحقيق تلك الأهداف، وأهمها عودة الشرعية حسب قرارات الأمم المتحدة ومخرجات الحوار الوطني اليمني. يفترض أن الوقت لم يتجاوز ثلاثة إلى ستة أشهر كحد أقصى لتحقيق الهدف السياسي والعسكري؛ وذلك بإكمال التحرير مباشرةً بعد عدن إلى صنعاء وتعز والحديدة وإغفال تلك النقاط في نهم وصرواح ومأرب التي تكون يومًا للشرعية والآخر بيد الانقلابيين. مضى الوقت وزادت التطورات في صنعاء العاصمة اليمنية التي شكَّل بها ميدان السبعين علامة مهمة للمتحالفين لعرض القوة، وهو الميدان الذي أسقط اليمنيون منه صالح من الرئاسة. فقد حشد علي عبدالله صالح مئات الآلاف من أنصاره في ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام؛ وذلك في تصوري رسالتان: الأولى- خارجية للتحالف، والثانية لحلفائه الحوثيين؛ مفادها أنه لا يزال الرجل القوي والفاعل في الشأن اليمني. وأعتقد أنه كذلك. في هذا الوقت، استفاد الحوثيون من طول الفترة، فعملوا جاهدين على التحكم بمفاصل الدولة الأمنية والقضائية والتعليم والمال، بإقالة من يعارض خطهم السياسي والعقائدي، وإحلال التابعين لهم في هذه الأماكن. حتى إنهم عملوا على تغيير المناهج التعليمية في خطوة لـ"تحويث" المجتمع عقائديًّا. في الأيام الماضية، اختلف الحلفاء، إلا أني أتوقع أن الحوثي لن يخاطر حاليًّا بإبعاد صالح أو التخلص منه؛ لأنه لا يزال يتمتع بنفوذ يمكنه من مواجهتهم؛ فالوقت لم يحن للإقدام على خطوة كهذه. في فوضى الأحداث اليمنية من الجنوب إلى الشمال، بقيت الحكومة الشرعية بعيدة عن المواطن اليمني؛ فهي تدير الأجزاء المحررة من الرياض، ومع مرور الوقت لن يكون ذلك في صالحها؛ فالمواطن بدأ يتعايش مع الوضع المفروض عليه؛ فبعد انتظار سنتين صار ينظر إلى الأمور بمنظار آخر لتلبية حاجاته المعيشية اليومية. من الضرورة حضور الحكومة في العاصمة المؤقتة، والعمل على إتمام المهام المطلوبة ولو كان ذلك الحضور بحماية التحالف، وإلا فإن بقاءها بعيدًا ربما يكون مخاطرة بمستقبلها ومستقبل اليمن في ظل تمدد الحوثي لكل مفاصل الدولة. أتوقع أن السنتين أعطتا للحوثي والميليشيات خبرة سياسية وعسكرية لإدارة الأزمة. وبقاء الوضع على ما هو عليه ربما يؤدي باليمن إلى المجهول الذي سيكون أسوأ من الآن بكثير؛ ففي الجنوب أصوات تطالب بالانفصال، والشمال مقسم حسب الولاءات القبلية والعسكرية والعقائدية. الأمم المتحدة -في تقييمي المتواضع- ليست مهتمة بإنهاء المشكلة اليمنية حسب القرارات الدولية، بل تماطل في عرض الحلول وتغييرها والمطالبة بالمفاوضات وخلافه، وأهملت العمل على إنجاز إعادة الشرعية والضغط على الانقلابيين للعودة إلى المفاوضات. ونتيجة هذا الإهمال يتحمله المواطن اليمني البسيط. الحل العسكري -من وجهة نظري- أصبح صعبًا ما لم يرافقه حل سياسي جاد تشارك فيه الأطراف المؤثرة. وكما قال وزير الخارجية اليمني، فإن حكومته ستقدم تنازلات للوصول إلى حل، على ألا تكون تلك المفاوضات سببًا لإيقاف العمل العسكري إلى حين الوصول إلى حل يعيد الشرعية ويحقن الدماء. السؤال المهم: هل يفعلها علي صالح ويعقد صفقة مع التحالف بموجبها ينضم هو ومؤيدوه للشرعية تتوج بتحرير صنعاء فورًا وبعدها تعز والحديدة ويتم حشر الحوثي في صعدة وتعود الشرعية ويتم القضاء بالكامل على التمرد الحوثي ونزع سلاحه؟! ربما يكون تساؤلًا خارج الصندوق، لكن لن يكون مستحيلًا على تناقض المواقف وتغيير التحالفات حسب المصالح لمصلحة اليمن أم أن المواقف ستبقى كما هي ويبقى المجهول هو مستقبل اليمن؟! وأحب أن أختم بأن علينا ألا نغفل أن داعش تم تحطيم عوامل قوتها في العراق وسوريا وعلى الحدود اللبنانية؛ فلربما تكون اليمن ملاذها الجديد، بتلك الصحاري والجبال والطبيعة الوعرة، وعندها -لا سمح الله- ستكون اليمن مقرًّا وبؤرة لإرهاب إيراني داعشي حوثي. الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.. حكمة يجب أن تطبق حالًا في اليمن؛ لانتشاله من انتشار وتمدد الفشل.
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.com/news150176.html