2015/07/10
هل يمكن للدول العربية الاستفادة من التجربة اليونانية؟

سأرتدي اشمئزاز الدائنين وسام شرف"

بهذه النبرة المفعمة بالكبرياء، كتب يانيس فاروفاكيس منشوراً على موقعه الالكتروني معلناً تنحيه كوزير للمالية في اليونان. فبعد أشهر من الشد والجذب في اجتماعات الاتحاد الأوروبي ومؤتمراته الطارئة المتوالية، وفي استفتاء وطني غير مسبوق، عبّر اليونانيون عن رفضهم القاطع (بنسبة 61.3%) لمقترحات الدائنين –اللجنة الأوروبية، البنك الأوروبي المركزي وصندوق النقد الدولي- بفرض المزيد من السياسات التقشفية كتقليص الرواتب التقاعدية وزيادة في نسبة الضرائب. وبالرغم من التأييد الواضح الذي لاقاه الوزير السابق ذو السترة الجلدية والحذاء الطويل، فضّل فاروفاكيس ترك منصبه لعلمه أن موقفه الصارم مما سماه بـ "عبودية الدَين" يمثل حجر عثرة أمام وصول رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس إلى تسوية تلائم الدائنين واليونانيين على حد سواء. وبعد أن أثبت الوزير السابق أن بلاده، وإن احتلت مساحة صغيرة المساحة وكانت محدودة التأثير في المعترك السياسي والاقتصادي، لن تذعن راضخة لإملاءات أرباب السياسة والمال الذين استأسدوا وفردوا عضلاتهم على حساب المواطن اليوناني البسيط. من بين المفارقات العديدة التي سلّط فاروفاكيس الضوء عليها هي ازدواجية المعايير لدى الدائنين، خاصة ألمانيا، القوة الأكثر تأثيراً في حلقة الدائنين. لتأكيد مدعى سخطه وتبرير اتهامه بالازدواجية، ذكّر فاروفاكيس المستشارة الألمانية أنكيلا ميركيل بتنازل القوى الأوروبية في "مؤتمر لندن" عام 1953 عن نصف ديون ألمانيا، رأفة بشقيقة أوروبية أثقلت أعباءها الحرب العالمية الثانية وحكم النازيين فيها. ألمانيا، على لسان وزير اقتصادها ولفغانغ شويبله، رفضت المقارنة بين المشهدين. فاليونان لم تخض حرباً ولم تُحتل أراضيها من قبل الحلفاء كما كان الحال مع ألمانيا أواسط القرن الماضي. على العكس، فالحكومات المتعاقبة في أثينا هي التي ساقت البلاد إلى حافة الجرف الذي تترنّح عليه الآن نتيجة تبذيرها وإهدارها للموارد، تراخيها في جمع ضرائب المواطنين والشركات، وتقاعس عام في تأدية دور فعال ومنتج تضاهي به أقرانها من أعضاء الاتحاد الأوروبي. وفي آخر تطورات الأزمة المالية والسياسية التي ترزح تحتها اليونان، قدمت الحكومة اليسارية في أثينا سلسلة من المقترحات الجديدة التي تتضمن تعديلات اقتصادية في مختلف القطاعات المصرفية والخدمية، وإذا وافقت "المجموعة الأوروبية" على بنود ومقترحات الخطة الجديدة، ستتلقى اليونان مساعدة مالية قدرها 53 مليار يورو لتسديد قسط من ديونها المترتبة عليها نتيجة خطة الإنقاذ التي استفادت منها اليونان والتي بدأت عام 2010 والتي تبلغ 240 مليار يورو. يذكر أن إجمالي الديون التي يجب على اليونان سدادها يصل إلى 320 مليار يورو، وأنها مهددة بالطرد من الاتحاد الأوروبي في حال تخلفت عن سداد مستحقاتها المالية. هل يمكن للدول العربية الاستفادة من التجربة اليونانية؟ هل تتوقعون أن تحذو دول أخرى حذو اليونان في التعامل مع دائنيها؟ هل من دعاة لرفض الهيمنة الاقتصادية التي تعاني بسببها بعض الدول العربية؟
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.com/news11248.html