برغم محاولة الإدارة الأمريكية طمأنة السعودية وتعزيز الشراكة معها بملف خصمها إيران ومواجهة مشروعها التوسعي إلا أن هناك مخاوف متزايدة بشأن الثمن والمقابل الذي سيطلبه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وبخاصة في ظل مبدأ ترمب عن طلب "ثمن الحماية" وسط مخاوف أن يستنزف الرياض عسكرياً ومالياً بملف محاربة الإرهاب، الأمر الأكثر خطورة خلط ترمب وإدارته اليمينية بين التيارات الراديكالية والمعتدلة بما قد يؤدي إلى خسارة الرياض تيارات حليفة في مواجهة التوغل الشيعي في عدة دول ويؤدي إلى حالة من الرفض الشعبي.
وفي ظل استمرار قانون "جاستا" تظل هناك ذراع لابتزاز السعودية قد يعقبها قوانين مماثلة في ظل إدارة غير رشيدة يصعب التبؤ بأفعالها.
مواجهة إيران
يتصدر ملف مواجهة المشروع الإيراني التوسعي بالمنطقة أجندة صانع القرار السعودي، ويعد أهم نقطة إلتقاء تجمع الطرف السعودي بالرئيس الأمريكي الجديد، وتأكد ذلك بعد إجراء "ترمب" أمس الأحد 29 يناير اتصالاً هاتفياً بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز اتفقا خلاله على ضرورة "التطبيق الصارم" للاتفاق النووي الإيراني، وأشار بيان البيت الأبيض إلى أن الزعيمين اتفقا أيضاً على الحاجة لمواجهة "أنشطة إيران التي تزعزع استقرار المنطقة".
إدارة معادية
اختار "ترمب" شخصيات معادية بشدة لإيران في إدارته القادمة، أبرزهم الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس لتولي منصب وزير الدفاع (البنتاغون)، والجنرال المتقاعد مايكل فلين مستشارا للأمن القومي الذي عارض الاتفاق النووي بشدة.
ومن جهته، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 16 يناير 2017 إن السعودية "متفائلة" إزاء تسلم "ترمب" الرئاسة معلنا أنه "يتشوق للعمل" مع الإدارة الأميركية الجديدة.
تعاون إيجابي
تعاون إيجابي آخر، أسفرت عنه المحادثات الثنائية هاتفيا هو دعم إقامة مناطق آمنة في كل من سوريا واليمن، من الواضح أن يتحمل كلفتها دول الخليج فترمب خلال حملته الانتخابية دعا دول الخليج إلى دفع مقابل إقامة مناطق آمنة لحماية السوريين.
ملفات شائكة
أما الملفات الشائكة تتعلق بما أشار إليه مصدر سعودي رفيع المستوى لـ"رويترز" فالزعيمين اتفقا على تعزيز مكافحة الإرهاب والتعاون العسكري، وقال "السعودية تشارك بفعالية في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة "داعش" في سوريا وعدد الطلعات الجوية السعودية ضد داعش تأتي بالترتيب الثاني بعد الولايات المتحدة الأميركية".
وقال بيان البيت الأبيض إن الزعيمين ناقشا أيضاً ما وصفه بدعوة العاهل السعودي لترمب "لقيادة جهود الشرق الأوسط لهزيمة الإرهاب والمساعدة في بناء مستقبل جديد اقتصادياً واجتماعياً" للمملكة والمنطقة.
المخاوف تتعلق أولا بمبدأ "ترمب" الذي دشنه أثناء الحملة الانتخابية بضرورة دفع السعودية والخليج ما أسماه بـ"ثمن الحماية" بنبرة استعلائية، كذلك المخاوف من مقايضة الرياض على مواجهة إيران مقابل تعاون غير مشروط بملف "داعش" عسكرياً ومالياً وتحويلها لحرب استنزاف متنقلة وذريعة للتغلغل العسكري الخشن.
من الإرهابي؟
الأكثر خطورة حديث الرئيسين حول ملف هزيمة "الإرهاب" دون تحديد مفهومه أو الجماعات التي تندرج تحته، كذلك هناك تباين في التصنيف بين ترمب والسعودية، في الموقف من التيارات الإسلامية المعتدلة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.
عدة صقور بإدارة ترمب والكونجرس تريد تصنيف الإخوان كمنظمة "إرهابية" منهم "ريكس تيلرسون" الذي اختاره ترمب وزيرا للخارجية وقال -خلال جلسة الاستماع التى عقدها فى مجلس الشيوخ الأمريكى- "إن هزيمة "داعش" سوف تسمح لأمريكا بأن تركز اهتمامها على بقية التنظيمات التى تتبنى الإسلام الأصولى مثل تنظيم الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة الإرهابى".
بينما دفعت السعودية ثمنا باهظا في اليمن ومصر وسوريا بسبب معاداة الإخوان المسلمين ودعم أنظمة مستبدة، كذلك محاربة التيارات المعتدلة يخلق فجوة تملأها التيارات الراديكالية والميلشيات الشيعية وإيران، وقد يستغل "ترمب" تصنيف مصر والسعودية والإمارات جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية.
شراكة في خطر
ومن جهته، نشر موقع «المونيتور» الأميركي في 23 يناير 2017 مقالا لـ«بروس ريدل» مدير مشروع الاستخبارات بمعهد «بروكينجز»، تحدث فيه عن المخاطر التي تواجه الشراكة بين الولايات المتحدة والسعودية في مجال مكافحة الإرهاب.
وحذر من وجود قضيتين تهددان الشراكة الأمنية القوية بين البلدين، وهما قانون «جاستا» الذي يسمح بمقاضاة المسؤولين السعوديين للمشاركة المزعومة في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ونقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، مما سيشكل ضررا بالغا للتحالف المناهض للإرهاب بين البلدين.