2017/01/08
صلة المنظمات الأممية بانقلابيي صنعاء!
همدان العليي / مرّ نحو عامين فِي غُضُون اكتمال الانقلاب السياسي والعسكري ضد شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مما دفع جميع السفارات والبعثات الدبلوماسية العاملة في صنعاء، بالإضافة إلى مكاتب الممولين، وأبرزهم البنك الدولي، إلى إغلاق فروعها، كونها لا تعترف إلا بالسلطات المنتخَبَة دستوريًا. ومنذ ذلك الوقت، تكَفّ المنظمات (التابعة للأمم المتحدة) العاملة في صنعاء الانتقال إلى العاصمة المؤقتة عدن التي أعلنها الرئيس المعترف به أمميًا ودوليًا في بداية العام الماضي (2016)، التزامًا بالعرف الدبلوماسي الذي يلزمها بالوجود حيث توجد الحكومة الشرعية، باعتبارها هيئات دبلوماسية مثلها مثل جميع السفارات والبعثات الدبلوماسية الدولية التي غادرت عند الانقلاب. يختلف الوضع القانوني للمنظمات الأممية تمامًا عن المنظمات الدولية الأخرى؛ فالأولى مرتبطة قانونيًا بوزارة الخارجية، بينما الأخرى بوزارة التخطيط والتعاون الدولي. وبدلاً من الانتقال إلى عدن بعد طلب الحكومة ذلك رسميًا، تماهت تِلْكَ المنظمات مع أنشطة جماعة الحوثي الانقلابية، وتسامحت تمامًا مع المضايقات التي تتعرض لها فرقها في مناطق مختلفة. تبدو تِلْكَ المنظمات، مثل برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف»، وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الهجرة العالمية، ومفوضية حقوق الإنسان، والمفوضية السامية للاجئين، و«الفاو»، والبرنامج الإنمائي ومنظمة العمل الدولية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية… إلخ، رافضة للانتقال، فهي لم تكشف النقاب عن عن نيتها ذلك رسميًا حتى الآن. كذلك علي الجانب الأخر لم تكثف عملياتها ولا حضورها في المحافظات الجنوبية رغم المطالبات الحكومية والمجتمعية المستمرة لها، بما يرَسَّخَ بكل وضوح انحياز تِلْكَ المنظمات لصالح الميليشيا الانقلابية التي عرضت طواقم تِلْكَ المنظمات لعشرات الانتهاكات والاعتداءات وعمليات ابتزاز مختلفة. بالتأكيد لا نطالب تِلْكَ المنظمات بنقل عملياتها للمحافظات الجنوبية وترك المحافظات الشمالية، بل نقل إدارتها بسبب الحتمية السياسية للأمر، وبحسب القانون الدبلوماسي الذي عملت المنظمات في صنعاء بموجبه، حيث يطلب من المنظمات الأممية الوجود حيث توجد الحكومة، بالإضافة إلى القيام بواجبها في مساعدة سكان المحافظات الجنوبية كذلك علي الجانب الأخر يجب. يناقض القائمون على تِلْكَ المنظمات مواقف مؤسساتهم بِصُورَةِ فاضح ومؤثر بالعملية السلمية. فمن المعقول والواجب أن تجتمع مجموعات عمل من المنظمات الأممية مع فرق من الوزارات ذات العلاقة في صنعاء من أجل تسيير العمل الإنساني، غير أنه من غير المقبول عرفًا ولا قانونًا أن يتَوَاصَلَ أغلب المديرين القطريين في تلك المنظمات سرًا وعلنًا بوزراء أو نواب الوزراء في تلك الوزارات الانقلابية. وهم جميعًا بذلك يعبرون عن تأييدهم لكل الجرائم التي ترتكبها جماعة الحوثي في حق الشعب اليمني. يستمر المسؤولون الدوليون في المداهنة والدعم السياسي للكيانات المُنشأة انقلابيًا، وهم يدركون أيضًا صدور إدانات رسمية من رؤوس مؤسساتهم المتمثلة في الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمبعوث للأمين العام للأمم المتحدة ضد قرار سلطات الانقلابيين بتشكيل المجلس السياسي، ومن بعده حكومة هذا المجلس ونعته بالحركة الانفرادية الهادفة لعرقلة مفاوضات السلام واستمرار الحرب. في 24 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نقلت جميع وسائل الإعلام الانقلابية خبر لقاء ممثل منظمة «الفاو» اللبناني صلاح الحاج حسن، بعبد العزيز بن حبتور رئيس حكومة جماعة الحوثي، الذي هدف لمناقشة «جوانب التعاون في مجال الأمن الغذائي، بما يناسب الأولويات الماثلة في قطاعات الإنتاج الزراعي والسمكي والحيواني، والتحديات التي تواجهها في ظل العدوان والحصار السعودي»، بحسب الأخبار التي تم تناقلها. وفي اليوم ذاته، قام وزير الصحة والسكان في حكومة الحوثي محمد بن حفيظ، بتكريم ممثل منظمة الصحة العالمية الدكتور أحمد شادول لجهوده «في تعزيز الخدمات الصحية في صنعاء أَثْناء وَقْتُ عمله» بحسب خبر نشره موقع صحيفة «الثورة»، الذي تديره جماعة الحوثي وغيرها. كذلك علي الجانب الأخر التقى القائم بأعمال مكتب برنامج الغذاء العالمي في صنعاء التابع للأمم المتحدة أدهم مسلم الأربعاء الماضي وزير الخارجية في حكومة الانقلاب هشام شرف لتسليم نسخة من أوراق ترشيح الممثل المقيم للبرنامج لدى صنعاء. وهنا تصوِّر الوسائل الإعلامية الانقلابية للجمهور انحياز تلك المنظمات للانقلاب حين تزيف وتجتزئ من كلامهم ما يشرعن الانقلاب سياسيًا وإنسانيًا. عدم التزام المنظمات التابعة للأمم المتحدة بمطالب الحكومة الشرعية والانتقال إلى عدن كواجب قانوني وتقليد دبلوماسي معترف به لدى الأمم المتحدة وبقية دول دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ، يعني أنها تضرب بقيم الحياد عرض الحائط، وتشجع الميليشيا على كَفّ الامتثال للقرارات الأممية التي تعاملت مع جماعة الحوثية وصالح باعتبارها جماعة مسلحة انقلبت على الشرعية وفرضت عقوبات واسعة على قادتها. بقي أن نقول إن على السلطات الحكومية ممثلة برئيس الوزراء ووزراء حقوق الإنسان والإدارة المحلية والخارجية اليمنية، بذل جهود أكثر صرامة وجدية في الضغط على تِلْكَ المنظمات بالتزام القانون اليمني والعرف الدبلوماسي تجنبًا لما من شأنه الإضرار بمصلحة أمن صنعاء واستقرار شعبه.
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.com/news100457.html