الجمعة 29 مارس 2024
الرئيسية - أخبار اليمن - عمال "السوق السوداء".. ضحايا في ثياب الجلادين
عمال "السوق السوداء".. ضحايا في ثياب الجلادين
الساعة 01:54 مساءً (متابعات)

أمع كل أزمة مشتقات نفطية تفتعلها الميليشيات يبرز اسم "السوق السوداء" كمصدر وحيد يزود المواطنين بهذه المواد الأساسية التي يصعب الاستغناء عنها، وبأسعار تبلغ ثلاثة أضعاف السعر الرسمي، وصار من المعروف ان هذه الأسواق تمتلكها وتديرها من وراء الستار قيادات نافذة في ميليشيات الحوثي، أما الذين في واجهة " السوق"  فهم غالباً من المواطنين الذين استغلت الميليشيات الإجرامية فقرهم وكلفتهم بممارسة البيع  المباشر واستقبال اللعنات من الأهالي مقابل مبلغ يومي زهيد لم يجدوا طريقة أفضل للحصول عليه.

مجرد وظيفة



"هاشم" بائع بترول يقف على الطريق العام وأمامه عدد من العلب المليئة بسائل أحمر يصر على أنه بترول "نظيف" يقول للصحوة نت" شريطة عدم ذكر اسمه الحقيقي: " انا اعمل وابيع لأعول اسرتي واطفالي فهي بالنسبة لي وظيفة مثل اي وظيفة، لست انا من يفتعل الأزمة".

ويضيف: "طبيعة عملي تتلخص بالآتي: في الفجر يتم تحديد السعر الذي ابيع به ..وفي نهاية اليوم اخذ النقود لأصحابها وآخذ حصتي منها15% وأذهب الى البيت ، عمل سهل جداً كما ترى، لست أنا الجاني ، انتم تعرفونهم جيداً".

أما "مختار" بائع بترول آخر في سوق مزدحم، ووراء ظهره يربض طقم شرطة متهالك، فيؤكد على أن ما يقومون به في السوق السوداء هو الحل الوحيد لإنقاذ الشعب من الأزمة، ولولاهم لصار قطاع كبير من الشعب عاطلاً عن العمل، قائلا: " نحن نقدم البترول لصاحب التكسي والباص والمتر لكي يمارسوا أنشطتهم اليومية، ولولانا لأصبحوا عاطلين.

دفاع عن النفس

"محمد.ع " بدا أكثر تفهماً للموضوع وشعرنا ونحن نتحدث معه وكأننا وضعنا ايدينا على الجرح يقول: " المفروض أن لا نتكلم لكي لا تنقطع ارزاقنا ولكنك شاهدت كيف ينظر الينا الناس وكأننا نحن سبب الأزمة .. فنحن مجرد عمال نتعب تحت اشعة الشمس والمطر بالأجر اليومي وفي اخر الليل اخرج من جيبي المبالغ الطائلة واخصم منها 3500 ريال فقط لا غير هي حصتي، والباقي تأتي الهيلوكس لتأخذه ويقوم السائق (.ابو فلان.....) بعد المبلغ بدقة ولا يتسامح معنا حتى بمئة ريال ويخصمها اذا نقصت من يومياتنا، واعود الى بيتي وظهري متقوس من اللعن والسباب والشجار مع السائقين ودعوات العجائز وابسط دعوة نسمعها منهن في اليوم " الله يعجل بزوالكم"

"دوبة" أحد عمال السوق السوداء في أمانة العاصمة، يقول: " النقد والتجريح شيء طبيعي لمن يعمل في هذه البلاد، انت تقضي نصف يومك تشتم " المقوت" والخباز وبائع الخضروات والطبيب الذي يضرب لك الإبرة والصيدلي الذي يصرف لك العلاج لذلك نحن متعودين على الشتائم ولا نلقي لها اهتماما. هناك اوقات نكون عصبيين فنرد الشتائم بـ"احسن منها" واحيانا نتجاهل الموضوع...هذا الشعب دائماً يبرز عضلاته على الضعيف ويترك الغريم الحقيقي وهو يعرفه جيداً لذلك لم يصلح حال البلاد، قبل اسبوع نزل أحد سائقي السيارات واشهر مسدسه في وجهي وكاد يضغط على الزناد رغم علمه بانني عامل بالأجر اليومي ولا ذنب لي ولكنه يريد استعراض عضلاته وتنفيس الغضب الذي يشعر به".

واضاف: "هم" يعرضون علينا العمل فنقبل  وفجأة في يوم وليلة نتحول الى "غريم الشعب"، ولو اتيحت لغيري فرصة العمل هذا فسيوافق مسرعاً ولن يتردد لحظة واحدة".

الأطفال ايضاً

اصغر بائع بترول في العالم، " سراج" الذي يبلغ من العمر 7 سنوات، تحدث ومن خلفه على مسافة ليست بالبعيدة يقف رجل يبدو أنه والده، وعيناه ترمقنا بنظرات نارية يقول سراج: "  انا اشتغل هنا من الصبح الى الظهر جالس واروح العب وانام والليل نتحاسب".

ويضيف سراج : " لا اعرف من اين يأتي البترول فأبي يوقظني في الفجر ونأخذ العربية ونمشي واصحاب السيارات يأتون الي ويشترون ويرحلون واذا صادفت زبون كثير الكلام يأتي والدي من الدكان ويتفاهم معه".

-           هل هذا بترول حقيقي؟

-           لا.

"هذه القوارير المعروضة فيها عصير احمر على سبيل العرض ونحن لا نعرض البترول الحقيقي في الشارع خوفا من السرقة والحريق، أما  البترول فهو مخبأ داخل تلك الثلاجة "الترميس" ولا نخرجه الا للزبون".

ويتابع: " ابي يعتقد بأن ما نفعله ليس حراماً بل " طلبة الله" حلال فهو لا يخبئ البترول هو مجرد عامل بسيط أراد ان نعيش فقط.


آخر الأخبار